وقول العظائم فيه. فما ظن هذه الطائفة برب العالمين أن يفعله بهم إذا لقوه (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) [آل عمران : ١٠٦] ويسأل المسيح على رءوس الأشهاد وهم يسمعون : (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) [المائدة : ١١٦] ، فيقول المسيح مكذبا لهم ومتبرئا منهم : (سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ، ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ، وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة : ١١٦]؟!!
[النصارى مخالفون للمسيح في كل فروع دينهم أيضا :]
[في الطهارة والصلاة والصوم وأكل الخنزير وتعليق الصليب ...]
(فصل) فهذا أصل دينهم واساسه الذي قام عليه وأما فروعه وشرائعه فهم مخالفون للمسيح في جميعها ، وأكثر ذلك بشهادتهم وإقرارهم ولكن يحيلون على البتاركة والأساقفة ، فإن المسيح صلوات الله وسلامه عليه كان يتدين بالطهارة ، ويغتسل من الجنابة ، ويوجب غسل الحائض. وطوائف النصارى عندهم أن ذلك كله غير واجب ، وأن الإنسان يقوم من على بطن المرأة ويبول ويتغوط ولا يمس ماء ولا يستجمر ، والبول والنجو ينحدر على ساقه وفخذه ويصلي كذلك وصلاته صحيحة تامة ، ولو تغوط وبال وهو يصلي لم يضره فضلا عن أن يفسو أو يضرط ، ويقولون أن الصلاة بالجنابة والبول والغائط أفضل من الصلاة بالطهارة ، لأنها حينئذ أبعد من صلاة المسلمين واليهود وأقرب إلى مخالفة الأمتين. ويستفتح الصلاة بالتصليب بين عينيه ، وهذه الصلاة رب العالمين بريء منها ، وكذلك المسيح وسائر النبيين ، فإن هذه بالاستهزاء أشبه منها بالعبادة ، وحاش المسيح أن تكون هذه صلاته أو صلاة أحد من الحواريين ، والمسيح كان يقرأ في صلاته ما كان الأنبياء وبنو إسرائيل يقرءونه في صلاتهم من التوراة والزبور ، وطوائف النصارى إنما يقرءون في صلاتهم كلاما قد لحنه لهم الذين يتقدمون ويصلون بهم ، يجري مجرى النوح والأغاني. فيقولون : هذا قداس فلان وهذا قداس فلان. ينسبونه إلى الذين وضعوه ، وهم يصلون إلى