وأما «النصرانية» وإن كانت قد ظهرت في أمم كثيرة جليلة فإنه لم يكن لهم في محل إسماعيل وأمه هاجر سلطان ظاهر ولا عز قاهر البتة ، ولا صارت أيدي هذه الأمة فوق أيدي الجميع ولا امتدت إليهم أيدي الأمم بالخضوع ، وكذلك سائر ما تقدم من البشارات التي تفيد بمجموعها العلم القطعي بأن المراد بها محمد بن عبد الله صلىاللهعليهوسلم ، وأمته ، فإنه لو لم يقع تأويلها بظهوره صلىاللهعليهوسلم ، لبطلت تلك النبوات ، ولهذا لما علم الكفار من أهل الكتاب أنه لا يمكن الإيمان بالأنبياء المتقدمين إلا بالإيمان بالنبي الذي بشروا به قالوا نحن في انتظاره ولم يجيء بعد ولما علم بعض الغلاة في كفره وتكذيبه منهم أن هذا النبي في ولد إسماعيل أنكروا أن يكون لإبراهيم ولد اسمه اسماعيل ، وأن هذا لم يخلقه الله : ولا يكثر على أمة البهت وإخوان القرود وقتلة الأنبياء مثل ذلك ، كما لم يكثر على المثلثة عباد الصليب الذين سبوا رب العالمين أعظم مسبة أن يطعنوا في ديننا وينتقصوا نبينا صلىاللهعليهوسلم. ونحن نبين أنهم لا يمكنهم أن يثبتوا للمسيح فضيلة ولا نبوة ولا آية ولا معجزة إلا بإقرارهم أن محمدا رسول الله ، وإلا فمع تكذيبه لا يمكن أن يثبت للمسيح شيء من ذلك البتة ..
[لا يمكنهم أن يثبتوا للمسيح فضيلة ولا نبوة إذا كفروا بمحمد]
[اليهود اساتذة النصارى في قصة الصلب وأخبار المسيح]
فنقول : إذا كفرتم معاشر المثلثة عباد الصليب بالقرآن وبمحمد صلىاللهعليهوسلم ، فمن أين لكم أن تثبتوا لعيسى فضيلة أو معجزة ، ومن نقل إليكم عنه آية او معجزة؟! فإنكم إنما تبعتم من بعده بنيف على مائتين وعشرات من السنين اخبرتم عن منام رؤى فأسرعتم إلى تصديقه ، وكان الأولى لمن كفر بالقرآن أن ينكر وجود عيسى في العالم لأنه لا يقبل قول اليهود فيه ، ولا سيما وهم أعظم أعدائه الذين رموه وأمه بالعظائم ، فأخبار المسيح والصليب إنما شيوخكم فيها اليهود ، وهم فيما بينهم مختلفون في أمره أعظم اختلاف ، وانتم مختلفون معهم في أمره ، فاليهود تزعم أنهم حين أخذوه حبسوه في السجن أربعون يوما ، وقالوا ما كان لكم أن تحبسوه أكثر من ثلاثة أيام ثم تقتلوه إلا أنه كان يعضده أحد قواد الروم ، لأنه كان يداخله في صناعة الطب عندهم. وفي الأناجيل التي بأيديكم : «أنه أخذ صبح