يوم الجمعة وصلب في الساعة التاسعة من اليوم بعينه» فمتى تتوافقون مع اليهود في خبره ، واليهود مجمعون أنه لم يظهر له معجزة ولا بدت منه لهم آية غير أنه طار يوما وقد هموا بأخذه فطار على أثره آخر منهم فعلاه في طيرانه فسقط إلى الأرض بزعمهم. وفي الإنجيل الذي بأيديكم في غير موضع ما يشهد أنه لا معجزة له ولا آية!! فمن ذلك أن فيه منصوصا : «أن اليهود قالوا له يوما ما ذا تفعل حتى تنتهي به إلى أمر الله تعالى؟ فقال أمر الله أن تؤمنوا بمن بعثه ، فقالوا له : وما آتيتك التي ترينا ونؤمن بك وأنت تعلم أن آباءنا قد أكلوا المن والسلوى بالمفاوز؟ قال إن كان أطعمكم موسى خبزا فأنا أطعمكم خبزا سماويا ، يريد نعيم الآخرة فلو عرفوا له معجزة ما قالوا ذلك .. وفي الإنجيل الذي بأيديكم ان اليهود قالت له : «ما آيتك التي نصدقك بها؟» قال : «اهدموا البيت أبنيه لكم في ثلاثة أيام» فلو كانت اليهود تعرف له آية لم تقل هذا ، ولو كان قد أظهر لهم معجزة لذكرهم بها حينئذ. وفي الإنجيل الذي بأيديكم أيضا «أنهم جاءوا يسألونه آية فقذفهم ، وقال : أن القبيلة الفاجرة الخبيثة تطلب آية فلا تعطى ذلك» .. وفيه أيضا : «أنهم كانوا يقولون له وهو على الخشبة بظنكم إن كنت المسيح فأنزل نفسك فنؤمن بك يطلبون بذلك آية فلم يفعل» فإذا كفرتم معاشر المثلثة عباد الصليب بالقرآن لم يتحقق لعيسى ابن مريم آية ولا فضيلة ، فإن أخباركم عنه وأخبار اليهود لا يلتفت إليها لاختلافكم في شأنه أشد الاختلاف وعدم تيقنكم لجميع امره. وكذلك اجتمعت اليهود على أنه لم يدع شيئا من الإلهية التي نسبتم إليه أنه ادعاها ، وكان أقصى مرادهم أن يدعي فيكون أبلغ في تسلطهم عليه ، وقد ذكر السبب في استفاضة ذلك عنه وهو أن أحبارهم وعلماءهم لما مضى وبقي ذكره خافوا أن تصير عامتهم إليه إذ كان على سنن تقبله قلوب الذين لا غرض لهم ، فشنعوا عليه أمورا كثيرة ، ونسبوا إليه دعوى الإلهية تزهيدا للناس في أمره.
[أخبار اليهود والنصارى عن عيسى ونسبه لا يوثق بها ..]
ثم إن اليهود عندهم من الاختلاف في أمره ما يدل على عدم تيقنهم بشيء من أخباره ، فمنهم من يقول أنه كان رجلا منهم ويعرفون أباه وأمه وينسبونه