لزانية! وحاشاه وحاشا أمه الصديقة الطاهرة البتول التي لم يقرعها فحل قط قاتلهم الله أنى يؤفكون ، ويسمون أباه الزاني البنديرا الرومي ، وأمه مريم الماشطة ، ويزعمون أن زوجها يوسف بن يهودا وجد البنديرا عندها على فراشها وشعر بذلك فهجرها وأنكر ابنها. ومن اليهود من رغب عن هذا القول وقال إنما أبوه يوسف بن يهودا الذي كان زوجا لمريم ، ويذكرون أن السبب في استفاضة اسم الزنا عليه أنه بينا هو يوما مع معلمه بهشوع بن برخيا وسائر التلاميذ في سفر فنزلوا موضعا فجاءت امرأة من أهله وجعلت تبالغ في كرامتهم ، فقال بهشوع ما أحسن هذه المرأة؟! يريد أفعالها ، فقال عيسى بزعمهم لو لا عور في عينها ، فصاح بهشوع وقال له يا ممزار ـ ترجمته يا زنيم ـ أتزني بالنظر ؛ وغضب غضبا شديدا وعاد إلى بيت المقدس وحرم اسمه ولعنه في أربعمائة قرن ، فحينئذ لحق ببعض قواد الروم وداخله بصناعة الطب فقوي بذلك على اليهود ، وهم يومئذ في ذمة قيصر بتاريوش ، وجعل يخالف حكم التوراة ويستدرك عليها ويعرض عن بعضها إلى أن كان من أمره ما كان. وطوائف من اليهود يقولون غير هذا ، ويقولون إنه كان يلاعب الصبيان بالكرة فوقعت منهم بين جماعة من مشايخ اليهود فضعف الصبيان عن استخراجها من بينهم حياء من المشايخ ، فقوى عيسى وتخطى رقابهم وأخذها ، فقالوا له ما نظنك إلا زنيما .. ومن اختلاف اليهود في أمره أنهم يسمون أباه بزعمهم الذي كان خطب مريم يوسف بن يهودا النجار. وبعضهم يقول إنما هو يوسف الحداد. والنصارى تزعم أنها كانت ذات بعل وأن زوجها يوسف بن يعقوب. وبعضهم يقول يوسف بن آل. وهم يختلفون أيضا في آبائه وعددهم إلى إبراهيم فمن مقل ومن مكثر. فهذا ما عند اليهود وهم شيوخكم في نقل الصلب وأمره وإلا فمن المعلوم أنه لم يحضره أحد من النصارى وإنما حضره اليهود وقالوا قتلناه وصلبناه وهم الذين قالوا فيه ما حكيناه عنهم فإن صدقتموهم في الصلب فصدقوهم في سائر ما ذكروه ، وإن كذبتموهم فيما نقوله عنه فما الموجب لتصديقهم في الصلب وتكذيب أصدق الصادقين الذي قامت البراهين القطعية على صدقه أنهم ما قتلوه وما صلبوه ، بل صانه الله وحماه وحفظه ، وكان أكرم على الله وأوجه عنده من أن يبتليه بما تقولون أنتم واليهود.