مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) [المائدة : ٦٤] ، وقولهم : (إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ) [آل عمران : ١٨٣] ، وقولهم : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) [البقرة : ٨٠] ، وقولهم : أن الله تعالى بكى على الطوفان حتى رمدت عيناه وعادته الملائكة ، وقولهم الذي حكيناه آنفا : «أن الله ندم على خلق بني آدم» وأدخلوا هذه الفرية في التوراة ، وقولهم عن لوط : انه وطئ ابنتيه وأولدهما ولدين نسبوا إليهما جماعة من الأنبياء ، وقولهم في بعض دعاء صلواتهم : انتبه كم تنام يا رب استيقظ من رقدتك. فتجرءوا على رب العالمين بهذه المناجاة القبيحة ، كأنهم ينخونه بذلك لينتخي لهم ويحتمي ، كأنهم يخبرونه أنه قد اختار الخمول لنفسه وأحبابه فيهزونه بهذا الخطاب للنباهة واشتهار الصيت ، قال بعض أكابرهم بعد. إسلامه : فترى أحدهم إذا تلى هذه الكلمات في الصلاة يقشعر جلده ، ولا يشك أن كلامه يقع عند الله بموقع عظيم ، وأنه يؤثر في ربه ويحركه ويهزه وينخيه ، وعندهم في توراتهم : «أن موسى صعد الجبل مع مشايخ أمته فأبصروا الله جهرة وتحت رجليه كرسي منظره كمنظر البلور» وهذا من كذبهم وافترائهم على الله وعلى التوراة ، وعندهم في توراتهم «أن الله سبحانه لما رأى فساد قوم نوح وأن شرهم قد عظم ندم على خلق البشر في الأرض وشق عليه» وعندهم في توراتهم أيضا : «أن الله ندم على تمليكه شاؤل على اسرائيل» وعندهم فيها «أن نوحا لما خرج من السفينة بنى بيتا مذبحا وقرب عليه قرابين ، واستنشق الله رائحة : القتار ؛ فقال في ذاته لن أعاود لعنة الأرض بسبب الناس لأن خاطر البشر مطبوع على الرداءة ، ولن أهلك جميع الحيوان كما صنعت».
[سبب تبديل التوراة]
قال بعض علمائهم الراسخين في العلم ممن هداه الله إلى الإسلام ، لسنا نرى أن هذه الكفريات كانت في التوراة المنزلة على موسى ، ولا نقول أيضا أن اليهود قصدوا تغييرها وإفسادها ، بل الحق أولى ما اتبع ، قال : ونحن نذكر حقيقة سبب تبديل التوراة ، فإن علماء القوم وأحبارهم يعلمون أن هذه التوراة التي بأيديهم لا يعتقد أحد من علمائهم وأحبارهم أنها عين التوراة المنزلة على