ضخم الأليتين ، طويل الرجلين ، راكب فرسا ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا لا ، قال هذا سليمان بن داود ، ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء فيها صورة بيضاء وإذا رجل شاب شديد سواد اللحية لين الشعر حسن الوجه حسن العينين ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا لا ، قال هذا عيسى قلنا من أين لك هذه الصور لأنا نعلم أنها على ما صورت عليه الأنبياء لأنا رأينا صورة نبينا مثله؟ قال إن آدم سأل ربه أن يريه الأنبياء من ولده فانزل عليه صورهم ، وكانوا في خزانة آدم عند مغرب الشمس فاستخرجها ذو القرنين فصارت إلى دانيال ، ثم قال أما والله إن نفسي طابت بالخروج من ملكي وإني كنت عبدا لأشدكم ملكة حتى أموت. ثم أجازنا وأحسن جائزتنا وسرحنا ، فلما أتينا أبا بكر الصديق فأخبرناه بما رأينا وما قال لنا وما أجازنا فبكى أبو بكر ، وقال لو أراد الله به خيرا لفعل.
(فصل) فهذا في الأخبار بنبوته مما تلقاه المسلمون من أفواه علماء أهل الكتاب والمؤمنين منهم ، والأول فيما نقلوه من كتبتهم ، وعلمائهم يقرون أنه في كتبهم. فالدليل بالوجه الأول يقام عليهم من كتبهم ، وبهذا الوجه يقام بشهادة من لا يتهم عليهم لأنه إما من عظمائهم ، وإما ممن رغب عن رئاسته وماله ووجاهته فيهم وآثر الإيمان على الكفر والهدى على الضلال ، وهو في هذا مدع أن علماءهم يعرفون ذلك ويقرون به ولكن لا يطلعون جهالهم عليه.
[الطرق الأربعة الدالة على صحة البشارة به]
[دفع اليهود والنصارى لها استكبارا]
(فصل) فالأخبار والبشارة بنبوته صلىاللهعليهوسلم في الكتب المتقدمة عرفت من عدة طرق (أحدها) ما ذكرناه ، وهو قليل من كثير وغيض من فيض. (الثاني) إخباره صلى الله عليه وسلم لهم أنه مذكور عندهم وأنهم وعدوا به وأن الأنبياء بشرت به واحتجاجه عليهم بذلك ، ولو كان هذا الأمر لا وجود له البتة لكان مغريا لهم بتكذيبه منفرا لاتباعه محتجا على دعواه بما يشهد ببطلانها. (الثالث) أن هاتين الأمتين معترفون بأن الكتب القديمة بشرت بنبي عظيم الشأن يخرج في آخر الزمان نعته كيت وكيت ، وهذا مما اتفق عليه المسلمون واليهود والنصارى. فأما «المسلمون» فلما جاءهم آمنوا به وصدقوه وعرفوا أنه الحق من ربهم. وأما