باللهم أعطنا خبزنا الملائم لنا ، وعن السجود للواحد القهار بالسجود للصور المدهونة في الحائط بالأحمر والأصفر واللازورد. فهذا بعض شأن هاتين الأمتين اللتين عندهما آثار النبوة والكتاب فما الظن بسائر الأمم الذين ليس عندهم من النبوة والكتاب حس ولا خبر ، ولا عين ولا أثر.
[قول السائل : هلا أتى ابن سلام .. بالنسخ الصحيحة؟]
(فصل) قال السائل : إن قلتم أن عبد الله بن سلام وكعب الأحبار ونحوهما شهدوا لنا بذلك من كتبهم فهلا أتى ابن سلام وأصحابه الذين اسلموا بالنسخ التي لهم كي تكون شاهدة علينا ، والجواب من وجوه :
(احدها) أن شواهد النبوة وآياتها لا تنحصر فيما عند أهل الكتاب من نعت النبي صلىاللهعليهوسلم ، وصفته ، بل آياتها وشواهدها متنوعة متعددة جدا ، ونعته وصفته في الكتب المتقدمة فرد من أفرادها ، وجمهور أهل الأرض لم يكن إسلامهم عن الشواهد والاخبار التي في كتبهم ، وأكثرهم لا يعلمونها ولا سمعوا بها بل أسلموا للشواهد التي عاينوها والآيات التي شاهدوها وجاءت تلك الشواهد التي عند أهل الكتاب مقوية عاضدة من باب تقوية البينة وقد تم النصاب بدونها ، فهؤلاء العرب من أولهم إلى آخرهم لم يتوقف إسلامهم على معرفة ما عند أهل الكتاب من الشواهد ، وإن كان ذلك قد بلغ بعضهم وسمعه منهم قبل النبوة وبعدها كما كان الأنصار يسمعون من اليهود صفة النبي صلىاللهعليهوسلم ، ونعته ومخرجه ، فلما عاينوه وأبصروه عرفوه بالنعت الذي أخبرهم به اليهود فسبقوهم إليه ، فشرق أعداء الله بريقهم وغصوا بمائهم ، وقالوا ليس هو الذي كنا نعدهم به ، فالعلم بنبوة محمد والمسيح وموسى صلوات الله وسلامه عليهم لا يتوقف على العلم بأن من قبلهم أخبر بهم وبشر بنبوتهم بل طرق العلم بها متعددة فإذا عرفت نبوة النبي صلىاللهعليهوسلم بطريق من الطرق ثبتت نبوته وجب اتباعه وإن لم يكن من قبله بشر به فإذا علمت نبوته بما قام عليها من البراهين. فإما أن يكون تبشير من قبله به لازما لنبوته ، وإما أن لا يكون لازما ، فإن لم يكن لازما لم يجب وقوعه ولا يتوقف تصديق النبي عليه بل يجب تصديقه بدونه ، وإن كان لازما علم قطعا أنه قد وقع ، وعدم نقله إلينا لا يدل على عدم وقوعه إذ لا يلزم من وجود الشيء نقله العام ، ولا