الخاص ، وليس كلما أخبر به موسى والمسيح وغيرهما من الأنبياء المتقدمين وصل إلينا ، وهذا مما يعلم بالاضطرار ، فلو قدر ان البشارة بنبوته صلىاللهعليهوسلم ليست في الكتب الموجودة بأيديكم لم يلزم أن لا يكون المسيح وغيره بشروا به ، بل قد يبشرون ولا ينقل ، ويمكن أن يكون في كتب غير هذه المشهورة المتداولة بينكم فلم يزل عند كل أمة كتب لا يطلع عليها إلا بعض خاصتهم فضلا عن جميع عامتهم ، ويمكن أنه كان في بعضها فأزيل منه وبدل ونسخت النسخ من هذه التي قد غيرت واشتهرت بحيث لا يعرف غيرها وأخفى أمر تلك النسخ الأولى ، وهذا كله ممكن ، لا سيما من الأمة التي تواطأت على تبديل دين نبيها وشريعته هذا كله على تقدير عدم البشارة به في شيء من كتبهم أصلا. ونحن قد ذكرنا من البشارات به التي في كتبهم ما لا يمكن لمن له أدنى معرفة منهم جحده والمكابرة فيه ، وإن أمكنهم المغالطة بالتأويل عند رعاعهم وجهالهم.
(فصل الوجه الثاني) أن عبد الله بن سلام قد قابل اليهود واوقفهم بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أن ذكره ونعته وصفته في كتبهم وأنهم يعلمون أنه رسول الله وقد شهدوا بأنه أعلمهم وابن أعلمهم وخيرهم وابن خيرهم ، فلم يضر قولهم بعد ذلك أنه شرهم وابن شرهم وجاهلهم وابن جاهلهم ، كما إذا شهد على رجل شاهد عند الحاكم فسأله عنه فعدله وقال إنه مقبول الشهادة عدل رضي لا يشهد إلا بالحق وشهادته جائزة علي فلما أدى الشهادة قال إنه كاذب شاهد زور ، ومعلوم أن هذا لا يقدح في شهادته. وأما كعب الأحبار فقد ملأ الدنيا من الأخبار بما في النبوات المتقدمة من البشارة به وصرح بها بين أظهر المسلمين واليهود والنصارى ، وأذن بها على رءوس الملأ وصدقه مسلمو أهل الكتاب عليها ، وأقروه على ما أخبر به ، وأنه كان أوسعهم علما بما في كتب الأنبياء ، وقد كان الصحابة يمتحنون ما ينقله ويزنونه بما يعرفون صحته فيعلمون صدقه ، وشهدوا له بأنه أصدق الذين يحكون لهم عن أهل الكتاب أو من أصدقهم ونحن اليوم ننوب عن عبد الله بن سلام وقد أوجدناكم هذه البشارات في كتبكم فهي شاهدة لنا عليكم والكتب بأيديكم فأتوا بها فاتلوها أن كنتم صادقين ، وعندنا ممن وفقه الله للإسلام منكم من يواقفكم ويقابلكم ويحاققكم عليها ، وإلا فاشهدوا على