شأن أكبر منه ، فإنه قلب العالم. وطبق مشارق الأرض ومغاربها ، واستمر على العالم على تعاقب القرون وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، ومثل هذا النبأ العظيم لا بد أن تتطابق الرسل على الأخبار به ، وإذا كان الدجال رجل كاذب يخرج في آخر الزمان وبقاؤه في الأرض أربعين قوما قد تطابقت الرسل على الأخبار به وانذر به كل نبي قومه من نوح إلى خاتم الرسل فكيف تتطابق الكتب الإلهية من أولها إلى آخرها على السكوت عن الأخبار بهذا الأمر ، العظيم الذي لم يطرق العالم أمر أعظم منه ولا يطرقه أبدا ، هذا ما لا يسوغه عقل عاقل وتأباه حكمة أحكم الحاكمين ، بل الأمر بضد ذلك ، وما بعث الله سبحانه نبيا إلا أخذ عليه الميثاق بالإيمان بمحمد وتصديقه ، كما قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ، قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي ، قالُوا أَقْرَرْنا ، قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ). [آل عمران : ٨١] ، قال ابن عباس ما بعث الله من نبي إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به وليتابعنه.
[نصوص الكتب المتقدمة في البشارة به وصفته ونعت أمته]
[وإيضاح دلالتها ومطابقتها للشريعة والواقع]
(فصل) فهذه الوجوه على تقدير عام العلم بوجود نعته وصفته والخبر عنه في الكتب المتقدمة ونحن نذكر بعض ما ورد فيها من البشارة به ونعته وصفته وصفة أمته ، وذلك يظهر من وجوه :
«الوجه الأول» قوله تعالى في التوراة «سأقيم لبني إسرائيل نبيا من إخوتهم مثلك أجعل كلامي في فيه ويقول لهم ما آمره به والذي لا يقبل قول ذلك النبي الذي يتكلم باسمي أنا انتقم منه ومن سبطه» فهذا النص مما لا يمكن أحدا منهم جحده وإنكاره ؛ ولكن لأهل الكتاب فيه أربعة طرق : «أحدها» حمله على المسيح وهذه طريقة النصارى. وأما اليهود فلهم فيه ثلاثة طرق «أحدها» أنه على حذف أداة الاستفهام ، والتقدير أأقيم لبني إسرائيل نبيا من إخوتهم أي لا أفعل هذا ، فهو استفهام انكار حذفت منه أداة الاستفهام. «الثاني» أنه خبر ووعد ولكن