الشَّاهِدِينَ) [المائدة : ٨٣] وقال تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) [القصص : ٥٥]. (وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) [القصص : ٥٣] (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) [القصص : ٥٤] واذا شهد واحد من هؤلاء لم يوزن به ملء الأرض من الكفرة ، ولا تعارض شهادته بجحود ملء الأرض من الكفار ، كيف والشاهد له من علماء أهل الكتاب أضعاف أضعاف المكذبين له منهم؟! وليس كل من قال من أشباه الحمير من عباد الصليب وامة الغضب انه من علمائهم فهو كذلك ، وإذا كان أكثر من يظن عوام المسلمين انه من علمائهم ليس كذلك فما الظن بغيرهم ، وعلماء أهل الكتاب ان لم يدخل فيهم من لم يعمل بعلمه فليس علماؤهم الا من آمن به وصدقه ، وان دخل فيهم من علم ولم يعمل كعلماء السوء لم يكن إنكارهم لنبوته قادحا في شهادة العلماء العاملين بعلمهم.
«الحادي عشر» انه لو قدر انه لا ذكر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بنعته ولا صفته ولا علامته في الكتب التي بايدي أهل الكتاب اليوم لم يلزم من ذلك أن لا يكون مذكورا في الكتب التي كانت بايدي اسلافهم وقت مبعثه ولا تكون اتصلت على وجهها الى هؤلاء ، بل حرفها أولئك وبدلوا وكتموا ، وتواصوا وكتبوا ما أرادوا ، وقالوا هذا من عند الله ، ثم اشتهرت تلك الكتب وتناقلها خلفهم عن سلفهم ، فصارت المغيرة المبدلة هي المشهورة والصحيحة بينهم خفية جدا ، ولا سبيل الى العلم باستحالة ذلك ، بل هو في غاية الامكان ، فهؤلاء السامرة غيروا مواضع من التوراة؟! ثم اشتهرت النسخ المغيرة عند جميعهم فلا يعرفون سواها وهجرت بينهم النسخ الصحيحة بالكلية ، وكذلك التوراة التي بايدي النصارى ، وهكذا تبدل الاديان والكتب ولو لا أن الله سبحانه تولى حفظ القرآن بنفسه وضمن للأمة ان لا تجتمع على ضلالة لا صابة ما اصاب الكتب قبله ، قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحج : ٩].
«الثاني عشر» أنه من الممتع أن تخلو الكتب المتقدمة عن الأخبار بهذا الأمر العظيم الذي لم يطرق العالم من حين خلق إلى قيام الساعة أمر أعظم منه ولا