.. وقالت : «الاريوسية» منهم وهم أتباع أريوس : إن المسيح عبد الله كسائر الأنبياء والرسل ، وهو مربوب مخلوق مصنوع ، وكان النجاشي على هذا المذهب. وإذا ظفرت المثلثة بواحد من هؤلاء قتلته شر قتلة ، وفعلوا به ما يفعل بمن سب المسيح وشتمه أعظم سب. والكل من تلك الفرق الثلاث عوامهم لا تفهم مقالة خواصهم على حقيقتها ، بل يقولون أن الله تخطى مريم كما يتخطى الرجل المرأة وأحبلها فولدت له ابنا ، ولا يعرفون تلك الهذيانات التي وضعها خواصهم ، فهم يقولون : الذي تدندن حوله نحن نعتقده بغير حاجة منا إلى معرفة الأقانيم الثلاثة من الطبيعتين والمشيئتين ، وذلك للتهويل والتطويل ؛ وهم يصرحون بأن مريم والدة الإله ، والله أبوه ، وهو الابن فهذا الزوج ، والزوجة ، والولد : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً ، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا ، تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا ، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً ، وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً ، إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً ، لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ، وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) [مريم : ٨٨ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ٩١ ، ٩٢ ، ٩٣ ، ٩٤ ، ٩٥] ،
[محمد برأ المسيح وأمه من افتراء اعدائهما وأنزله المنزلة العالية]
[ونزه الله عن افتراء المثلثة عليه]
فهذه أقوال أعداء المسيح من اليهود والغالين فيه من النصارى المثلثة عباد الصليب فبعث الله محمدا صلىاللهعليهوسلم ، بما أزال الشبه في أمره وكشف الغمة ، وبرأ المسيح وأمه من افتراء اليهود وبهتهم وكذبهم عليهما ونزه رب العالمين ، وخالق المسيح وأمه مما افتراه عليه المثلثة عباد الصليب الذين سبوه أعظم السب ، فانزل المسيح أخاه بالمنزلة التي أنزله الله بها وهي أشرف منازله ، فآمن به وصدقه ، وشهد له بأنه عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول الطاهرة الصديقة سيدة نساء العالمين في زمانها ، وقرر معجزات المسيح وآياته ، واخبر عن ربه تعالى بتخليد من كفر بالمسيح في النار ، وأن ربه تعالى أكرم عبده ورسوله ونزهه وصانه أن ينال إخوان القردة منه ما زعمته النصارى أنهم نالوه منه ، بل رفعه إليه مؤيدا منصورا لم يشكه أعداؤه بشوكة ، ولا نالته