موسى من هذه الأكاذيب والمستحيلات والترهات ، كما نقطع ببراءة صلاة موسى وبني إسرائيل معه من هذا الذي يقولونه في صلاتهم اليوم ، فبأنهم في العشر الأول من المحرم في كل سنة يقولون في صلاتهم ما ترجمته : «يا أبانا أملك على جميع أهل الأرض ليقول كل ذي نسمة الله إله إسرائيل قد ملك ، ومملكته في الكل متسلطة» ويقولون فيها أيضا «وسيكون لله الملك ، وفي ذلك اليوم يكون الله واحدا واسمه واحد» ويعنون بذلك أنه لا يظهر كون الملك له وكونه واحدا إلا إذا صارت الدولة لهم ، فأما ما دامت الدولة لغيرهم فإنه تعالى خامل الذكر عند الأمم ، مشكوك في وحدانيته ، مطعون في ملكه ومعلوم قطعا أن موسى ورب موسى بريء من هذه الصلاة براءته من تلك الترهات.
[اليهود كذبوا مسيح الهدى ، وينتظرون مسيح الضلال]
[المسيح وأصحابه يقتلونهم شر قتلة]
(فصل) وجحدهم نبوة محمد من الكتب التي بأيديهم نظير «جحدهم نبوة المسيح» وقد صرحت باسمه ، ففي نص التوراة «لا يزول الملك من آل يهوذا ، والراسم من بين ظهرانيهم إلى أن يأتي المسيح» وكانوا أصحاب دولة حتى ظهر المسيح فكذبوه ورموه بالعظائم وبهتوه وبهتوا أمه فدمر الله عليهم وأزال ملكهم ، وكذلك قوله : «جاء الله من طور سيناء ، وأشرق من ساعير ، واستعلن من جبال فاران» فأي نبوة أشرقت من ساعير غير نبوة المسيح ، وهم لا ينكرون ذلك ، ويزعمون أن قائما يقوم فيهم من ولد داود النبي إذا حرك شفتيه بالدعاء مات جميع الأمم ولا يبقى إلا اليهود ، وهذا «المنتظر» بزعمهم هو المسيح الذي وعدوا به ، قالوا ومن علامة مجيئه أن الذئب والتيس يربضان معا ، وان البقرة والذئب يرعيان معا ، وأن الأسد يأكل التبن كالبقر ، فلما بعث الله المسيح كفروا به عند مبعثه ، وأقاموا ينتظرون متى يأكل الأسد التبن حتى تصح لهم علامة مبعث المسيح ، ويعتقدون أن هذا المنتظر متى جاءهم يجمعهم باسرهم إلى القدس ، وتصير لهم الدولة ، ويخلو العالم من غيرهم ، ويحجم الموت عن جنابهم المنيع مدة طويلة ، وقد عوضوا من الإيمان بالمسيح ابن مريم بانتظار مسيح الضلالة الدجال ، فإنه هو الذي ينتظرونه حقا ، وهم عسكره واتبع الناس