قولهم في صلاتهم أول العام ما حكيناه عنهم ، وكذلك تواطؤهم على شرع صوم إحراق بيت المقدس وصوم حصا وصوم كدليا وفرضهم ذلك وصوم صلب هامان وقد اعترفوا بأنهم زادوها لأسباب اقتضتها ، وتواطئوا بذلك على مخالفة ما نصت عليه التوراة من قوله : «لا تزيدوا على الأمر الذي أنا موصيكم به شيئا ، ولا تنقصوا منه شيئا» فتواطئوا على الزيادة والنقصان وتبديل أحكام الله ، كما تواطئوا على تعطيل فريضة الرجم على الزاني وهو في التوراة نصا ، وكذلك تواطؤهم على امتناع النسخ على الله فيما شرعه لعباده تمسكا منهم باليهودية ، وقد أكذبتهم التوراة وسائر النبوات. ومن العجائب حجرهم على الله أن ينسخ ما شرعه لئلا يلزم البداء ثم يقولون أنه ندم وبكى على الطوفان وعاد في رأيه وندم على خلق الإنسان ، وهذه مضارعة لإخوانهم من عباد الصليب الذين نزهوا رهبانهم عن الصاحبة والولد ثم نسبوهما إلى الفرد الصمد ، ومن ذلك تواطؤهم على أن الملك يعود إليهم وترجع الملل كلها إلى ملة اليهودية ويصيرون قاهرين لجميع أهل الملل ، ومن ذلك تواطؤهم على تعطيل أحكام التوراة وفرائضها ، وتركها في جل أمورهم إلا اليسير منها وهم معترفون بذلك وأنه أكبر أسباب زوال ملكهم وعزهم. فكيف ينكر من طائفة تواطأت على تكذيب المسيح وجحد نبوته وبهته وبهت أمه والكذب الصريح على الله وعلى أنبيائه وتعطيل أحكام الله والاستبدال بها وعلى قتلهم أنبياء الله أن تتواطأ على تحريف بعض التوراة وكتمان نعت محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وصفته فيها.
(فصل) وأما أمة الضلال وعباد الصليب والصور المزوقة في الحيطان ، وإخوان الخنازير ، وشاتمو خالقهم ورازقهم اقبح شتم ، وجاعلوه مصفعة اليهود ، وتواطؤهم على ذلك ، وعلى ضروب المستحيلات وأنواع الأباطيل ، فلا إله إلّا الله الذي أبرز للوجود مثل هذه الأمة التي هي أضل من الحمير ومن جميع الأنعام السائمة ، وخلى بينهم وبين سبه وشتمه وتكذيب عبده ورسوله ومعاداة حزبه وأوليائه وموالاة الشيطان ، والتعوض بعبادة الصور والصلبان عن عبادة الرحمن الرحيم ، وعن قول الله أكبر بالتصليب على الوجه ، وعن قراءة (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الفاتحة : ١ ـ ٢ ـ ٣] ،