سائر النساء ، ولو كانت كسائر النساء لما ولدت إلا عن وطء الرجال لها ، ولكن اختصت عن النساء بأنها حبلت بابن الله ، وولدت ابنه الذي لا ابن له في الحقيقة غيره ، ولا والد له سواه ، وإنها على العرش جالسة عن يسار الرب تبارك وتعالى والد ابنها ، وابنها عن يمينه. والنصارى يدعونها ويسألونها سعة الرزق وصحة البدن ، وطول العمر ، ومغفرة الذنوب ، وأن تكون لهم عند ابنها ووالده ـ الذي يعتقد عامتهم أنه زوجها ، ولا ينكرون ذلك عليهم ـ سورا وسندا وذخرا وشفيعا وركنا ، ويقولون في دعائهم : يا والدة الإله اشفعي لنا! وهم يعظمونها ويرفعونها على الملائكة وعلى جميع النبيين والمرسلين ، ويسألونها ما يسأل الإله من العافية والرزق والمغفرة ، حتى أن «اليعقوبية» يقولون في مناجاتهم لها : يا مريم يا والدة الإله ، كوني لنا سورا وسندا وذخرا وركنا ، «والنسطورية» يقولون : يا والدة المسيح كوني لنا كذلك! ويقولون لليعقوبية لا تقولوا يا والدة الإله وقولوا يا والدة المسيح ، فقالت لهم اليعقوبية : المسيح عندنا وعندكم إله في الحقيقة فأي فرق بيننا وبينكم في ذلك؟ ولكنكم أردتم مصالحة المسلمين ومقاربتهم في التوحيد. هذا والأوقاح الأرجاس من هذه الأمة تعتقد أن الله سبحانه اختار مريم لنفسه ولولده ، وتخطاها كما يتخطى الرجل المرأة ، قال النظام بعد أن حكى ذلك عنهم : وهم يفصحون بهذا عند من يثقون به وقد قال ابن الاخشيد هذا عنهم في المعونة ، وقال إليه يشيرون ، ألا ترون أنهم يقولون ، من لم يكن والدا يكون عقيما والعقم آفة وعيب ، وهذا قول جميعهم وإلى المباضعة يشيرون ومن خالط القوم وطاولهم وباطنهم عرف ذلك منهم فهذا كفرهم وشركهم برب العالمين ومستهم له ، ولهذا قال فيهم أحد الخلفاء الراشدين : أهينوهم ولا تظلموهم فلقد سبوا الله مسبة ما سبه إياها أحد من البشر. وقد أخبر النبي صلىاللهعليهوسلم ، عن ربه في الحديث الصحيح أنه قال : «شتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وكذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، أما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، وأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته» فلو أتى الموحدون بكل ذنب وفعلوا كل قبيح وارتكبوا كل معصية ما بلغت مثقال ذرة في جنب هذا الكفر العظيم برب العالمين ، ومسبته هذا السب ،