سائر الأنبياء ، وهي الإسلام الذي من يبتغي غيره دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين. وقد حمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، من أدركه من أمته السلام ، وأمره أن يقرئه إياه منه ، فأخبر عن موضع نزوله ، بأي بلد وبأي مكان منه ، وبحالة وقت نزوله ، وملبسه الذي كان عليه ، وأنه «ممصرتان» أي ثوبان ، وأخبر بما يفعل عند نزوله مفصلا حتى كأن المسلمين يشاهدونه عيانا قبل أن يروه ، وهذا من جملة الغيوب التي اخبر بها فوقعت مطابقة لخبره حذو القذة بالقذة ، فهذا منتظر المسلمين لا منتظر المغضوب عليهم والضالين ، ولا منتظر إخوانهم من الروافض المارقين ، وسوف يعلم المغضوب عليهم إذا جاء منتظر المسلمين أنه ليس بابن يوسف النجار ، ولا هو ولد زنية ، ولا كان طبيبا حاذقا ماهرا ، في صناعته استولى على العقول بصناعته ، ولا كان ساحرا ممخرقا ، ولا مكنوا من صلبه وتسميره وصفعه وقتله ، بل كانوا أهون على الله من ذلك. ويعلم الضالون أنه ابن البشر ، وأنه عبد الله ورسوله ليس بإله ولا ابن إله ، وأنه بشر بنبوة محمد أخيه أولا وحكم بشريعته ودينه آمرا ، وأنه عدو المغضوب عليهم والضالين ، وولي رسول الله واتباعه المؤمنين ، وما كان أولياؤه الأرجاس الأنجاس عبدة الصلبان والصور المدهونة في الحيطان ، إن أولياؤه إلا الموحدون عباد الرحمن أهل الإسلام والإيمان ، الذين نزهوه وأمه عما رماهما به اعداؤهما اليهود ، ونزهوا ربه وخالقه ومالكه وسيده عما رماه به أهل الشرك والسب للواحد المعبود.
(فصل) فلنرجع إلى الجواب على طريق من يقول : «إنهم غيروا الفاظ الكتب وزادوا ونقصوا» كما اجبنا على طريق من يقول : «إنما غيروا معانيها وتأولوها على غير تأويلها». قال هؤلاء : نحن لا ندعي ولا طائفة من المسلمين أن الفاظ كل نسخة في العالم غيرت وبدلت ؛ بل من المسلمين من يقول أنه غير بعض الفاظها قبل مبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وغيرت بعض النسخ بعد مبعثه ، ولا يقولون أنه غيرت كل نسخة في العالم بعد المبعث ؛ بل غير البعض وظهر عند كثير من الناس تلك النسخ المغيرة المبدلة دون التي لم تبدل ، والنسخ التي لم تبدل موجودة في العالم ومعلوم أن هذا مما لا يمكن نفيه والجزم بعدم وقوعه ؛