في زمن موسى وأمرهم إذا مات البترك أن يختاروا من الاثني عشر واحدا يجعلونه مكانه ، ويضع الاثني عشر أيديهم على رأسه ويبركونه ، ثم يختارون رجلا فاضلا قسيسا يصيرونه تمام العدة ، ولم يزل أمر القوم كذلك إلى زمن قسطنطين. ثم انقطع هذا الرسم واصطلحوا على أن ينصبوا البترك من أي بلد كان من أولئك القسيسين أو من غيرهم ، ثم سموه «بابا» ومعناه ابو الآباء ، وخرج «مرقس» إلى برقة يدعو الناس إلى دين المسيح. ثم ملك آخر فأهاج على اتباع المسيح الشر والبلاء وأخذهم بأنواع العذاب ، وفي عصره كتب «بطرس» رئيس الحواريين إنجيل مرقس عنه بالرومية ، ونسبه إلى مرقس.
وفي عصره كتب لوقا «إنجيله» بالرومية لرجل شريف من عظماء الروم ، وكتب له الإبركسيس الذي فيه أخبار التلاميذ. وفي زمنه صلب «بطرسن» ، وزعموا أن بطرس قال له إن أردت أن تصلبني فاصلبني منسكا لئلا أكون مثل سيدي المسيح فإنه صلب قائما ، وضرب عنق بولس بالسيف ، وأقام بعد صعود المسيح اثنين وعشرين سنة ، وأقام «مرقس» بالإسكندرية وبرقة سبع سنين يدعو الناس إلى الإيمان بالمسيح ، ثم قتل بالإسكندرية وأحرق جسده بالنار ، ثم استمرت القياصرة ملوك الروم على هذه السيرة إلى أن ملك مصر قيصر يسمى «طيطس» فخرب بيت المقدس بعد المسيح بسبعين سنة بعد أن حاصرها وأصاب أهلها جوع عظيم ، وقتل من كان بها من ذكر وأنثى حتى كانوا يشقون بطون الحبالى ويضربون بأطفالهن الصخور ، وخرب المدينة وأضرم فيها النار ، وأحصى القتلى على يده فبلغوا ثلاثة آلاف ألف. ثم ملك ملوك آخرون فكان منهم واحد شديد على اليهود جدا ، فبلغوه أن النصارى يقولون إن المسيح ملكهم وأن ملكه يدوم إلى آخر الدهر فاشتد غضبه وأمر بقتل النصارى وأن لا يبقى في ملكه نصراني ، وكان «يوحنا» صاحب الإنجيل هناك فهرب ، ثم أمر الملك باكرامهم وترك الاعتراض عليهم ، ثم ملك بعده آخر فأثار على النصارى بلاء عظيما ، وقتل بترك أنطاكية برومية ، وقتل اسقف بيت المقدس وصلبه وله يومئذ مائة وعشرون سنة ، وأمر باستعباد النصارى فاشتد عليهم البلاء إلى أن