علماء اهل الكتاب فطائفة يقولون معناها جدا جدا أي كثيرا كثيرا ، فان كان هذا معناها فهو بشارة بمن عظم من بنيه كثيرا كثيرا ، ومعلوم أنه لم يعظم من بنيه اكثر مما عظم من محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقالت طائفة أخرى : بل هي صريح اسم محمد ، قالوا ويدل عليه ان الفاظ العبرانية قريبة من الفاظ العربية فهي أقرب اللغات إلى العربية ، فإنهم يقولون لإسماعيل شماعيل وسمعتك شمعتيني ، وإياه أوثو ، وقدسك قد شيخا ، وانت أنا ، وإسرائيل سيرائيل ، فتأمل قوله في التوراة «قدس لي خل لخورخل ريخم بني سرائيل باذام ويبيمالي» معناه قدس لي كل بكر كل أول مولود رحم في بني إسرائيل من إنسان إلى بهيمة لي. وتأمل قوله «نابي أقيم لاهيم تقارب اخيهم كانوا أخا إيلاؤه شماعون» فإن معناه نبيا أقيم لهم من وسط اخوتهم مثلك به يؤمنون ، وكذلك قوله : «انتم عابرتم بعيولي اجيخيم بنوا عيصاه» معناه انتم عابرون في تخم اخوتكم بني العيص ، ونظائر ذلك اكثر من أن تذكر ، فإذا اخذت لفظة «مؤذ مؤذ» وجدتها أقرب شيء إلى لفظة محمد ، وإذا أردت تحقيق ذلك فطابق بين الفاظ العبرانية والعربية ، وكذلك يقولون «اصبوع أو لو هم هوم» أي اصبع الله كتب له بها التوراة ، ويدل على ذلك اداة الباء في قوله «بمأذمأذ» ولا يقال اعظمه بجدا جدا ، بخلاف اعظمه بمحمد. وكذلك هو فإنه عظم به وازداد به شرفا إلى شرفه ، بل تعظيمه بمحمد ابنه صلىاللهعليهوسلم ، فوق تعظيم كل والد بولده العظيم القدر ، فالله سبحانه كبره بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وعلى التقديرين فالنص من اظهر البشارات به ، أما على هذا التفسير فظاهر جدا ، وأما على التفسير الأول فإنما كبر إسماعيل وعظم على إسحاق جدا جدا بابنه محمد صلىاللهعليهوسلم. فإذا طابقت بين معنى «الفارقليط» ومعنى «موذ موذ» ومعنى «محمد ، وأحمد» ونظرت إلى خصال الحمد التي فيه وتسمية امته بالحمادين وافتتاح كتابه بالحمد وافتتاح الصلاة بالحمد وختم الركعة بالحمد وكثرة خصال الحمد التي فيه وفي امته وفي دينه وفي كتابه وعرفت ما خلص به العالم من انواع الشرك والكفر والخطايا والبدع والقول على الله بلا علم وما اعز الله به الحق واهله وقمع به الباطل وحزبه تيقنت انه الفارقليط بالاعتبارات كلها ، فمن هذا الذي هو روح الحق الذي لا يتكلم إلّا بما يوحى إليه؟! ومن هو العاقب للمسيح والشاهد لما جاء به والمصدق له بمجيئه؟! ومن الذي اخبرنا بالحوادث في