الثالثة : إذا كان موضوع علم الأصول مطلق القواعد الموصلة لإِقامة الحجة على حكم العمل فلازمه دخول ما ليس من المسائل الأصولية في علم الأصول ، لمشاركة بعض العلوم الأدبية في تشخيص أصل الظهور الموصل لإِقامة الحجة على حكم العمل ، ومساهمة البحوث الرجالية في ذلك أيضاً ، فلا يكون التعريف مانعاً .
الرابعة : ذكر المحقق الإِصفهاني نفسه في بعض كلماته خروج مباحث البراءة والاشتغال عن حريم المسألة الأصولية ودخولها في خاتمة علم الأصول ، مع أن عليها مدار البحث الأصولي وركائز الاستنباط في الفروع (١) .
والسر في إخراجها أمران :
أ ـ إن المسألة الأصولية هي ما كانت نتيجتها تحقق الحجة على حكم العمل ، والمراد بالحجة البيان الكاشف عن حكم الشارع ، ومن المعلوم أن الأصول العملية لا كاشفية لها عن الحكم الشرعي فلا تسمى بحجة ولا يكون البحث فيها أصولياً .
ولكن الملاحظ على هذا التعليل أن الحجية عرفاً واصطلاحاً هي المنجزية والمعذرية فالحجة ما كان مفيداً لهما ، ومن الواضح صحة إطلاق الحجة بهذا المعنى على الأصول العملية ، حيث أن مفاد البراءة المعذرية عن الحكم المجهول ، ومفاد الاشتغال مثلاً منجزية الواقع ، ومفاد التخيير منجزية أحد الاحتمالين أو المحتملين ، وليست الحجة خصوص البيان الكاشف عن المراد الشرعي فإنه بلا مخصص ، بل هي كل ما يحتج به من المولى على العبد وبالعكس .
ب ـ ما ذكره في الأصول على النهج الحديث من كون أصل البراءة
__________________
(١) بحوث في علم الاصول للمحقق الاصفهاني : ٢٢ .