أيها الناس إنه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف عمر من قبله وإن عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة وإني قد أسرعت في العشرين إلا وأني يوشك أن أفارقكم إلا وأني مسؤول وأنتم مسؤولون هل بلغتكم فما ذا أنتم قائلون؟
فقام من كل ناحية من القوم مجيب نشهد أنك عبد الله ورسوله قد بلغت رسالته وجاهدت في سبيله وصدعت بأمره وعبدته حتى أتاك اليقين جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته؟
ثم تفصيل ما بلغ إليهم من الوحدانية والرسالة والنار وكتاب الله ثم قال إلا وأني فرطكم وأنتم تبعي توشكون أن تردوا علي الحوض فأسألكم حين تلقوني ثقلي كيف خلفتموني فيهما قال فاعيل علينا ما ندري الثقلان حتى قام رجل من المهاجرين فقال بأبي وأمي يا نبي الله ما الثقلان قال الأكبر منهما الله تعالى سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم فتمسكوا ولا تزلوا ولا تشكوا ولا تضلوا والأصغر منهما عترتي ثم ذكر وصيته (ص) بعترته ثم قال فإني قد سألت لهما اللطيف الخبير فأعطاني ناصرهما لي ناصر وخاذلهما خاذل ووليهما لي ولي وعدوهما لي عدو ألا وإنها تهلك أمة قبلكم حتى تدين بأهوائها وتظاهر على نبوتها وتقتل من قام بالقسط منها ثم أخذ بيد علي أبي طالب (ع) فرفعها فقال من كنت مولاه فعلي مولاه ومن كنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قالها ثلاثا آخر الخطبة (١)
وقد تقدمت رواية ابن المغازلي عن جابر بن عبد الله فيما سمعه رسول الله (ص) في حجة الوداع بمنى
__________________
(١) المناقب : ١٦ ـ ١٨ ، والعمدة : ٥١ ـ ٥٢ ، والبحار : ٣٧ / ١٨٤.