دليلا على عجز السلطان عن عزل المملوك ومؤاخذته.
أو يشك عاقل أن صبر السلطان على ذلك حتى يأتي وقت المدة التي عينها للمجازاة على الاحسان أو المؤاخذة على العصيان مما يدل على قوة قدرة السلطان واتساع الامكان حيث أنه يقدر على تعجيل المؤاخذة والنقمة ويصبر مع القدرة ، فكيف جعلوا ما يدل على القوة وسعة القدرة دليلا لهم على العجز؟ أعاذنا الله وكل عاقل من مثل جهلهم السخيف النازل.
ومن طرائف أمر المجبرة أنهم يدعون الاعتراف بصدق نبيهم وثبوت كتابهم ، وقد اعتبرت القرآن فما رأيت إلا متضمنا لاعتذار الكفار والظالمين إلى الله يوم القيامة بأنهم أضلهم غير الله ، وما وجدت أحدا منهم اعتذر إلى الله تعالى وقال له : يا رب أنت قضيت علينا معصيتك وأنت منعتنا عن طاعتك ، فإنه في يوم القيامة ينكشف الأمور كشفا واضحا لا يبقى فيها شبهة ، وما نراهم إلا أنهم تارة أقروا أن المعاصي منهم فقالوا : " ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل " (١) وما قالوا : ربنا فارجعنا تعمل غير الذي كنت تعمل ، وقالوا وهم في النار " ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون " (٢) وما قالوا فإن عدت وقال بعضهم " رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت " (٣) وما قال لعلك تعمل صالحا فيما تركت أنت ، وقال " أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين " (٤) وما قال ما فرطت في جنبي وإذا كان العباد ما فعلوا شيئا.
__________________
(١) الفاطر : ٣٧.
(٢) المؤمنون : ١٠٧.
(٣) المؤمنون : ١٠٠.
(٤) الزمر : ٥٦.