إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر ، أتاهم الله في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال : فما تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد ، قالوا : يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم فيقول : أنا ربكم فيقولون : نعوذ بالله منك نشرك بالله شيئا (مرتين أو ثلاثا) حتى أن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول : هل بينكم وبينه علامة فتعرفونه بها؟ فيقولون : نعم فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا إذن الله له بالسجود ، ولا يبقى من كان يسجد آنفا أو رياءا إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة ، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ، ثم يرفعون رؤسهم قد تحول في الصورة التي رأوه فيها أول مرة فيقول : أنا ربكم فيقولون : أنت ربنا ـ الخبر (١).
(قال عبد المحمود) : إني لأبكي على هذه العقول ثم أضحك منها وهو على مقتضى الحديث المتقدم في الإشارة إلى أن ربهم جسم وأنهم ينكرونه يوم القيامة ويتعوذون منه ، وهذا من العجائب التي يضحك منها أهل الملل كافة ويزهدون بطريقة الإسلام ، معاذ الله من قوم يصدقون ذلك.
ومن طرائف رواياتهم في ذلك ما ذكره محمد عمر الرازي صاحب كتاب نهاية العقول وهو أعظم علماء الأشعرية في كتاب تأسيس التقديس فقال : إنهم يروون أن الله ينزل كل ليلة جمعة لأهل جنة على كثيب من كافور.
ومن طرائف رواياتهم ما ذكره الرازي في الكتاب المذكور وذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث التاسع والتسعين من المتفق عليه من مسند أنس بن مالك يروونه عن نبيهم ويشهد العقل بأنه ما قاله قالوا أنه قال : لا تزال جهنم تقول : هل من مزيد حتى يضع رب العرش ـ وفي رواية رب العزة ـ قدمه فتقول : قط قط وعزتك ، ويزوي بعضها إلى بعض (٢).
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه : ١ / ١٦٨ ـ ١٦٩.
(٢) رواه مسلم في صحيحه : ٤ / ٧.