في المحل. والأصل عدم الاشتراك. والمجاز يوجب كون هذا اللفظ موضوعا بإزاء القدر المشترك بينهما. وذلك القدر المشترك هو أن يكون المظروف حاصلا في داخل الظرف ، سواء كان ساريا فيه ، كما في العرض والمحل ، أو موضوعا في جوفه ، كما في الماء والكوز. وإذا جعلنا لفظ «في» بإزاء هذا المعنى المشترك ، وجب أن يدخل تحته جميع أنواعه ، رعاية لعموم قوله: (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً).
قوله : «اللام لعود المنفعة» قلنا : هذا يشكل بقوله تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١) والله أعلم.
الحجة الثالثة عشر : قوله تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما : باطِلاً) (٢). هذا النص يقتضي أنه تعالى خالق لكل ما بين السماء والأرض ، بشرط أن يكون خالقا لها. لا لغرض باطل. وأفعال العباد موجودة بين السماء والأرض ، فوجب كونها مخلوقة لله تعالى.
فإن قيل : الشيء لا يوصف بأنه بين السماء والأرض ، إلا إذا كان جسما. وأفعال العباد لا تدخل تحت هذا النص. وأيضا : فهذه الآية حجة عليكم من وجوه :
الأول : إنها صريحة في أنه تعالى ما خلق باطلا أصلا. وذلك يقتضي أن خالق الكفر والمعاصي ليس هو الله تعالى.
الثاني : إنه تعالى قال بعده : (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا. فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) (٣) أضاف الظن إليهم ، وأضاف الكفر إليهم ، وتوعدهم على ذلك الكفر. وكيف يعقل أن يتوعد الله عباده على ما خلقه فيهم؟
الثالث : إنه قال بعده : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
__________________
(١) سورة البقرة ، آية : ١٠.
(٢) سورة ص ، آية : ٢٧.
(٣) سورة ص ، آية : ٢٧.