كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) (١)؟ وهذا الفرق إنما يبقى معتبرا ، لو كان الصلاح والفساد من قبل العبد.
والجواب :
قوله : «الشيء لا يوصف بأنه بين السماء والأرض ، إلا إذا كان جسما» فجوابه: ما تقدم في بيان أفعال العباد : أنه يصدق عليها أنها في الأرض.
قوله : «النص دل على أنه تعالى ما خلق الباطل» قلنا : النص دل على أنه تعالى ما خلق شيئا لغرض باطل. لأن قوله : «باطلا» مفعول له. وعندنا : أن الأمر كذلك. لأن عندنا أنه تعالى لا يخلق شيئا لغرض أصلا. وإذا لم يكن له غرض ، لم يكن له غرض باطل. بل عندنا أنه تعالى يخلق الأشياء بحكم الإلهية والمالكية. فإنه ليس لأحد عليه أمر ولا نهي.
وبالجملة : ففرق بين قولنا : لا يخلق الباطل ، وبين قولنا : لا يخلق شيئا لغرض باطل. والمذكور في النص هو الثاني ، لا الأول. وذلك لا ينفعهم ولا يضرنا. وأما بقية أسئلتهم فهي إشارة إلى أن العبد لو لم يكن موجدا لأفعال نفسه ، لامتنع أمره ونهيه ومدحه وذمه. وهذا هو شبهتهم الكبرى ، وسيجيء الجواب عنها ، إن شاء الله تعالى.
الحجة الرابعة عشر : قوله تعالى حكاية عن موسى ـ عليهالسلام ـ : (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ، ثُمَّ هَدى) (٢) والمراد من قوله : (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ) هو أنه خلق كل شيء.
واعلم : أن هذا النص يجب أن يكون من المحكمات ، لا من المتشابهات. ويدل عليه وجهان :
الأول : إن فرعون سأل موسى ـ عليهالسلام ـ عن هذه المسألة.
__________________
(١) ص ٢٨.
(٢) سورة طه ، آية : ٥٠.