وموسى ـ عليهالسلام ـ ذكر هذا الكلام في معرض البيان. وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. ولو كانت هذه الآية من المتشابهات ، لكان هذا تأخيرا للبيان عن وقت الحاجة ، وتمكينا للخصم من الطعن في كلامه ، وإظهار فساده. وانه لا يجوز.
الوجه الثاني في بيان أن هذه الآية ، وجميع الآيات التي تمسكنا بها من المحكمات : هو أن الموجود. إما واجب لذاته ، وهو الله سبحانه ، وإما ممكن لذاته ، وهو كل ما سواه. وكل ممكن فإنه مفتقر إلى الواجب. فكل ما سوى الله ، فهو مفتقر إلى الله ، وموجود بإيجاد الله. وهذا هو تفسير قوله : (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ. ثُمَّ هَدى) فلما دلت هذه النصوص على أن كل ما سوى الله ـ سبحانه ـ فإنما حصل بإيجاد الله. ودل هذا البرهان القاطع القاهر ، على صحة هذا المعنى ، لم يبق للخاطر فيه مجال. وثبت : أن كل تأويل يذكره الخصم فهو باطل ، وأن الحق إجراء هذه النصوص على ظواهرها في هذا الباب. وبالله التوفيق.