يكون (١)] كذلك. فإن كان الإمكان محوجا إلى المؤثر ، لزم احتياج كل ممكن إلى المرجح. وعلى هذا ، يكون رجحان الفاعلية على التاركية ، لا بد وأن يكون معللا بعلة موجبة. وحينئذ يلزم الجبر. وأما إن كان الإمكان غير محوج إلى المرجح ، فعند ذلك لا خفاء أن يستدل بالإمكان على المؤثر. وحينئذ [يلزم (٢)] نفي الصانع بالكلية. سواء كان موجبا أو مختارا. فثبت أن [القول (٣)] الحق : إما القول باحتياج جميع الممكنات إلى المؤثر ، وحينئذ يلزم الجبر. أو القول باستغناء جميع الممكنات عن المؤثر ، وحينئذ يلزم نفي المؤثرات أصلا. فأما القول بأن الإمكان محوج إلى المؤثر في موضع دون موضع ، كما هو قول المعتزلة : فهو قول متناقض باطل. فثبت : أنه إن لزم على القول بالجبر : إثبات أن مؤثر العالم موجب بالذات ، لا فاعل بالاختيار ، لزم (٤) على القول بالقدر أن يكون رجحانا وجود العالم على عدمه لا لمؤثر أصلا ـ والأول ـ وإن كان قبيحا ـ فلا شك أن هذا الأخير أقبح منه ، وأفحش بكثير على أنا سنذكر الفرق اليقيني بين الشاهد والغائب إن شاء الله تعالى.
البحث الثالث : إن كثيرا من المحققين قالوا : إن مسألة الجبر والقدر ، ليست [مسألة (٥)] مستقلة بنفسها ، بل هي بعينها مسألة إثبات الصانع. وذلك لأن العمدة في إثبات الصانع تعالى ، هو أن الإمكان محوج إلى المؤثر والمرجح. فنقول : إن صحت هذه القضية ، وجب الحكم بافتقار كل الممكنات إلى المؤثر والمرجح. وحينئذ نقول : القدرة على الفعل ، وإن لم تكن صالحة للترك ، فالجبر لازم. وإن كانت صالحة للترك ، وجب أن لا يحصل رجحان الفاعلية على التاركية ، إلّا لمرجح. وذلك أيضا يوجب الجبر. فيثبت : أنه (٦) لو صلح قولنا : الممكن لا بد له من مرجح ، فالقول بالجبر لازم. وإن فسدت
__________________
(١) من (ط ، ل).
(٢) (م ، ط).
(٣) من (م).
(٤) ولزم (ط).
(٥) سقط (ل).
(٦) أنه إن صح (ط ، ل).