بسبب منفصل ، بخلاف ما إذا خلق الله ذلك الفعل. فإن التأثير قد حصل منه وبه ، فكيف يكون تعجيزا؟.
الحجة التاسعة : قوله تعالى : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) (١) ومعلوم أن كون الإنسان منصورا على الغير. إما أن يكون بأفعال الجوارح. كما إذا تصارع رجلان ، ثم إن أحدهما يصرع الآخر. أو بالعلم واللسان ، كما إذا أغلب أحدهما صاحبه بالحجة والبرهان. فإذا كان النصر لا معنى له إلا ذلك. وكل ذلك فعل العبد ، ثم دل هذا النص ، على أن النصر ليس إلا من الله ، ثبت : أن فعل العبد حاصل بإيجاد الله.
فإن قيل : النصر قد يكون بتقوية القلب ، وبالإمداد بالملائكة ، وبإزالة الخوف عن القلب. وكل ذلك من الله. قلنا : هب أن ما ذكرتموه يسمى بالنصر ، إلا أن الأفعال المؤثرة في الغلبة ، لا شك أنها أيضا مسماة بالنصر. فلما قال تعالى : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) دخل فيه ما ذكرتم وما ذكرنا. وحينئذ يحصل المطلوب.
الحجة العاشرة : قوله تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ ، مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ. ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ) (٢) ومعلوم أن وقوف الطير في الهواء ، فعل اختياري لذلك الطير. وهذا يدل على أن الأفعال الاختيارية للحيوانات مخلوقة لله تعالى.
فإن قيل : المراد بالإمساك : إعطاء الآلات والقدر ، التي بها يتمكن الحيوان من فعل ذلك الاستمساك. قلنا : هذا عدول عن الظاهر. والأصل عدمه.
الحجة الحادية عشرة : قوله تعالى : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) (٣)
__________________
(١) سورة آل عمران ، آية : ١٢٦.
(٢) سورة النحل ، آية : ٧٩.
(٣) سورة طه ، آية : ٢٥.