يحمدنا عليه. كما قال تعالى : (فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) (١) وقال : (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً. فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) (٢) وقال : (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) (٣).
والحاصل : إنا نحمد الله على الإقدار على الإيمان. والله تعالى يشكرنا على فعل الإيمان. وعند هذا قال : «ثمامة» : لا يجوز أن يقال : الحمد لله على نعمة الإيمان ، ومنع هذا الإجماع.
والجواب عن الأول : إن الإيمان غير ، والقدرة على الإيمان غير. فهب أنا نشكره على أن أعطانا القدرة على الإيمان ، لكن كيف نشكره على الإيمان ، مع أنه تعالى ما أعطانا الإيمان؟
وأما السؤال الثاني فهو باطل. لأن إجماع الأمة على قولهم : الحمد لله على نعمة الإيمان : معلوم بالتواتر. فكان منكره منكرا للإجماع. والذي يدل على أن هذا الإجماع معلوم بالتواتر : أن المعتزلة ذكروا أن «ثمامة بن الأشرس» إنما منع هذا الإجماع عند «جعفر بن حرب» جوابا عن كلام رجل من أهل السنة ، احتج بهذا الدليل. قالوا : فلما سمع «جعفر بن حرب» هذا الكلام ، قال : لما شنعت هذه المسألة ، سهلت. وهذا يدل على أن «جعفر بن حرب» كان معترفا بأن منع هذا الإجماع : شنيع.
وأما الآيات الدالة على كون العبد مشكورا على الطاعات : فهي لا تنافي كون الله تعالى مشكورا على تلك الطاعات. لأن الشكر هو التعظيم. وتعظيم العبد لله ، ليس إلا المدح والثناء. وتعظيم الله للعبد ، ليس إلا إيصال الثواب إليه. ولا منافاة بين الأمرين. فثبت: أن كون العبد مشكورا على الطاعات ، لا ينافي كون الله مشكورا عليها. والله أعلم.
الحجة السابعة عشر : قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ
__________________
(١) سورة الاسراء ، آية : ١٩.
(٢) سورة البقرة ، آية : ١٥٨.
(٣) سورة آل عمران ، آية : ١١٥.