حضرت في بعض المجالس. فتمسك بعض الحشوية بما يروون : أنه عليهالسلام. قال : «إن ابراهيم كذب ثلاث كذبات» فقلت : إنه لا يجوز إسناد الكذب إلى خليل الله بمثل هذا الخبر الذي لا يفيد إلا الظن الضعيف. فقال الحشوى ـ كالغضبان عليّ ـ كيف يجوز تكذيب الراوي؟ فقلت له : العجب منك ومن دينك ، حيث تستبعد تكذيب الراوي ، ولا تستبعد براءة خليل الله عن الكذب ، ولو قلبت القضية لكان أنفع لك في دينك ودنياك.
الوجه الثاني في بيان أن خبر الواحد : مظنون الصحة : إنا إذا رجعنا إلى أنفسنا ، علمنا بالضرورة أن هذا الشّخص لا يمكننا أن نجزم بصحة قوله ، إلا إذا تأيد قوله بالمعجزات ، أو بشيء من قرائن الأحوال. فأما مجرد الخبر الصادر عن هذا الإنسان ، فإنه لا يبعد أن يكون كذبا ، والعلم بحصول هذا الجواز ضروري.
والثالث : أجمعنا على أن شهادة الشخص الواحد ، غير كافية. ولهذا السبب لما شهد «علي بن أبي طالب» مع «أم أيمن» في قصة «فدك» قال «أبو بكر» : لا بد من رجلين ، أو رجل وامرأتين. ولو كان قول الواحد يفيد العلم ، لوجب أن تكون شهادته كافية.
الرابع : إن قول الأربعة لا يفيد العلم. فقول الواحد أولى أن يفيده. إنما قلنا : إن قول الأربعة لا يفيد العلم ، لأنه لو جعل العلم بخبر أربعة ، لكان لا يجوز ورود التعبد بقبول شهادتهم ، لا إذا زكاهم المزكى ، ما لم يحصل العلم بصدقهم. لأن من المعلوم أن الحاكم إذا شهد عنده أربعة. بأن فلانا زنا بفلانة ، ولم يعلم الحاكم صدقهم. فإنه لا يرد شهادتهم ، بل يرجع في ذلك إلى المزكى. فإن حصلت التزكية قبل شهادتهم ، وإن حصل الجرح ردّها. ولو كان العلم يحصل بشهادتهم ، لكان يستغني عن الجرح والتعديل. فلما علمنا وجوب الرجوع إلى المزكى ، مع فقد العلم بما شهدوا ، علمنا أن خبر الأربعة لا يفيد العلم.
فثبت بهذه الوجوه الأربعة : أن خبر الواحد ، لا يفيد إلا الظن ، فوجب