أن لا يجوز التمسك به في المسائل القطعية.
الحجة الثانية على أنه لا يجوز التمسك بأخبار الآحاد في اليقينيات : أن نقول : أشرف طبقات الرواة : طبقة الصحابة ، ثم إن رواياتهم لا تفيد اليقين. أما في حق الصحابة. فيدل عليه وجوه :
الأول : إن اظهر الأمور وأجلاها : أمر الأذان والإقامة. وذلك لأنه ـ عليهالسلام ـ واظب عليهما مدة عشر سنين ، أو أكثر أو أقل. والكل كانوا يشاهدونه ، في كل يوم خمس مرات. والخلفاء الراشدون واظبوا عليها مدة ثلاثين سنة مع الجمع العظيم. ثم إن الرواة ما ضبطوا أحوال الأذان ، ولا أحوال الإقامة. أما أحوال الأذان. فهو أن الترجيح هل هو معتبر في الأذان أم لا؟ وأما الإقامة. فإنها هي فرادى أو مثناة؟ وليس لقائل أن يقول : لعلها كانت مرة فرادى ، ومرة مثناة. لأنا نقول : لو كان الأمر كذلك ، لوجب أن ينقل الراوي أنها كانت مرة فرادى ، ومرة مثناة ، فلما عجزوا عن ضبط هذا القدر مع أن الكل شاهدوا هذه المدة الطويلة ، فكيف يبقى الوثوق برواياتهم في المسائل الدقيقة ، وفي المباحث الغامضة. مع أنهم ـ بزعمهم ـ ما سمعوها إلّا مرة واحدة؟.
ومن ذلك ما روي أنه ـ عليهالسلام ـ أفرد الحج ، أو قارن ، أو تمتع. مع أن الحج : حجة واحدة ، ومع أنا نعلم أنه لم يأت بالجميع.
ومن ذلك أنه ـ عليهالسلام ـ هل كان يرفع يديه عند الركوع والانتصاب؟ فابن مسعود ، روى عدم الرفع. وابن عمر روى حصول الرفع. ومرة ذكر أنه في التكبيرة الأولى ، كان يرفع يديه إلى حذو المنكبين ، أو إلى حذو الأذنين. فكل هذه الأمور أمور مشاهدة محسوسة. يكفي في معرفتها سلامة الحاسة وأصل العقل. فلما عجزوا عن ضبط هذا القدر ، فكيف يقدرون على ضبط المسائل الفقهية ، التي ما سمعوها إلا مرة واحدة. ثم إنهم ما كتبوا ذلك المجموع. بل اعتمدوا على مجرد حفظهم. ثم نقلوه بعد خمسين سنة أو أكثر.