الثاني : وهو أن المحدثين نقلوا طعن بعض القوم في البعض. وذلك يوجب رد الروايات. بيان المقدمة الأولى من وجوه :
أحدها : ما روي أن أبا موسى الأشعري ، استأذن على عمر ، ثلاث مرات. فلم يأذن له ، فرجع فبلغ ذلك عمر. فقال له : ما ردّك؟ فقال : سمعت النبي ـ عليهالسلام ـ يقول: «إذا استأذن أحدكم ثلاث مرات ، فلم يأذن له ، فليرجع» فقال عمر : لتأتيني ببينة على صحة ما قلت ، وإلا آذيتك. وهذا يدل على أن عمر ، كان يتهم أبا موسى في تلك الرواية.
وثانيها : المخاصمة الشديدة التي وقعت بين عثمان وبين أبي ذر ، حتى نقل أن عثمان سير أبا ذر إلى الربذة. ونقل أيضا : أن عثمان ضرب ابن مسعود حتى كسر ضلعان من أضلاعه. وكان كل واحد منهما يعظم الطعن في صاحبه. وأيضا : إنهم حبسوا عثمان في داره ظلما وقتلوه.
وثالثها : ما نقل أن عليا ، كان يستحلف الرواة. ولو لا التهمة ، وإلا لما فعل ذلك.
ورابعها : المحادثة التي وقعت بين علي بن أبي طالب ، وبين طلحة ، والزبير ، وعائشة ـ رضي الله عنهم ـ وطعن كل واحد منهم في الآخر.
وخامسها : أن ابن مسعود ، كان يجتث المعوذتين من المصاحف ، ويقول : إنهما ليسا من القرآن. وسائر الناس أنكروا عليه ذلك. مع كون القرآن منقولا على سبيل التواتر. فما ظنك بسائر الأشياء.
وسادسها : روي أن معاوية كان يقول على منبر دمشق : إياكم وأحاديث رسول الله ـ عليهالسلام ـ إلا حديثا كان في عهد عمر. فإن عمر كان يخيف الناس في الله. ولو لا معاوية اتهم أولئك الرواة ، وإلا لم يقل ذلك.
وسابعها : شما روى مسلم في صحيحه : أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب. فقال: إني أجنبت ، فلم أصب الماء. فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب : أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت. فأما أنت فلم تصل. وأما أنا