وأما القسم الأول : فنقول : لما كانت تلك القدرة صالحة للفعل والترك ، كان رجحان أحد [الطرفين على الآخر. إما أن يتوقف على مرجح ، أو لا يتوقف.
والقسم الثاني : يقتضي رجحان أحد (١)] طرفي الممكن المتساوى على الآخر ، لا لمرجح. وذلك يلزم منه نفي الصانع. وأيضا : فعلى هذا التقدير يكون وقوع الفعل بدلا عن الترك : محض الاتفاق ، ولم يكن مستندا إلى العبد. فيكون الجبر لازما.
وأما القسم الأول : فنقول : ذلك المرجح. إما أن يكون من العبد ، أو من غيره ، أولا منه ولا من غيره. لا جائز أن يكون من العبد. وإلّا عاد التقسيم الأول فيه ، ويلزم إما التسلسل وإما الجبر.
والقسم الثالث : فنقول : أيضا : باطل. لأنه يقتضي جواز حدوث الشيء ، لا لمحدث ، ولا لمؤثر. ويلزم منه نفي الصانع. ويلزم منه أيضا : القول الجبر ـ على ما بيناه ـ ولما بطل هذان القسمان ، ثبت : أن ذلك المرجح ، إنما حدث بإحداث الغير. فنقول : ذلك المرجح إنما يكون مرجحا ، إذا اقتضى رجحان جانب الفعل على جانب الترك ، وعند حصول هذا الرجحان يجب الفعل. وذلك لأن طرف الترك ، حال كونه مساويا لطرف الفعل ، كان ممتنع الرجحان. فحال حصوله مرجوحا ، أولى أن يصير ممتنع الرجحان. وإذا
__________________
ـ لها. وإنما الله يخلق في هذا القلم تحركا بعد تحرك. هكذا دائما طالما القلم متحركا. فإذا سكن. لم يسكن حتى خلق الله فيه أيضا سكونا ، ولا يبرح يخلق فيه سكونا بعد سكون ، طالما القلم ساكنا ففي كل آن من تلك الآنات ـ أعني الأزمنة المنفردة ـ يخلق الله عرضا في جميع أشخاص الموجودات. من ملك وفلك وغيرهما ، هكذا دائما في كل حين.
وقالوا : إن هذا هو الإيمان الحقيقي بإن الله فاعل. ومن لم يعتقد أن هكذا يفعل الله ، فقد جحد كون الله فاعلا ـ على رأيهم» [دلالة الحائرين ص ٢٠٨].
ذكر هذا النص «موسى بن ميمون» وعلق عليه بقوله «في مثل هذه الاعتقادات يقال عندي وعند كل ذي عقل : «أم أنتم تخدعونه ، كما يخدع إنسان»؟ [١٢ : ٩] إذ هذا هو عين الخدعة حقيقة»
(١) من (ط ، ل)