جاء سراقة بن مالك بن جعشم ، فقال : يا رسول الله بيّن لنا ديننا ، كأنا خلقنا الآن. فيم العمل اليوم؟ فيما جفت به الأقلام ، وجرت به المقادير؟ أو فيما نستقبل؟ قال عليهالسلام : «بل فيما جفت به الأقلام ، وجرت به المقادير؟ قال : ففيم العمل؟ قال : «اعملوا : فإن كلا ميسر». قال صاحب شرح السنة ، بعد ما روى هذا الخبر : «وصح عن أبي هريرة ، عن رسول الله عليهالسلام أنه قال : «يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاق». فاختصمه على ذلك ، أبو ذر» قالوا : المراد من قوله صلىاللهعليهوسلم : «الأمر قد فرغ منه» هو الكتابة في اللوح المحفوظ ، والإخبار عن كونه شقيا أو سعيدا. قالوا : والدليل على أن المراد ما ذكرناه : أنهعليهالسلام بيّن أن تلك الكتابة غير موجبة لشقاوة العبد ولسعادته ، وإنما يستحق ذلك بعمله الذي يحصل باختياره.
وأما قوله : «كل ميسر لما خلق له» فالمراد : أنه قادر عليه ، غير ممنوع. وذلك هو صريح مذهب الاعتزال.
والجواب :
أما حمل هذا الكلام على الحكم والكتابة فقد تقدم القول بأن هذا يوجب قولنا.
وأما قوله : «إنه عليهالسلام ما أحال السعادة والشقاوة على ذلك الكتاب ، بل على ذلك العمل» فجوابه : إن الحديث دل على أنه تعالى إنما قدر له السعادة تارة ، والشقاوة أخرى ، بواسطة الأعمال المفضية إليها ، والموجبة لها. وذلك هو صريح قولنا.
الحجة السابعة : روى البخاري بإسناده عن ابن عباس أنه قال : ما رأيت شيئا أشبه باللحمة ، مما قاله أبو هريرة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا ، أدرك ذلك لا محالة. وزنا العين النظر ، وزنا اللسان النطق ، والنفس تمنى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك ويكذبه».
وجه الاستدلال بالخبر : ما تقدم. أنه تعالى لما علم ذلك وأخبر عنه ،