الأسفرايني» من أصحابنا ـ فقال الصاحب : لا شك أن فاعل أفعالي أنا لا غيري. ورفع لقمة ووضعها في فمه. وقال : الرفع باختياري ، والوضع في الفم باختياري ، والمضغ باختياري ، والابتلاع باختياري. ثم اتفق في أثناء المضغ أن عطس ، فسقطت اللقمة ، ووثبت الهرة ، فأخذت اللقمة ، وأكلتها.
الحكاية الثامنة : وحكى أن «الصاحب بن عباد» كان جالسا مع الأستاذ «أبي اسحاق» في بستان ، فمد يده إلى ثمرة وفصلها عن الشجرة. وقال : أيها الأستاذ من الذي فصل هذه الثمرة عن الشجرة؟ فقال الأستاذ أبي اسحاق : الذي فصل هذه الثمرة عن هذا الغصن ، الثمرة عن هذا الغصن ، هو الذي يقدر على أن يصلها به مرة أخرى. والمراد منه : أن القادر عند المعتزلة لا بد وأن يكون قادرا على الضدين. فلو كان العبد قادرا على الفصل ، لوجب أن يكون قادرا على الوصل. وحيث لم يقدر على الوصل ، وجب أن لا يقدر على الفصل.
الحكاية التاسعة : كان الأستاذ «أبو اسحاق الأسفرايني» جالسا في دار «الصاحب بن عباد» فدخل «القاضي عبد الجبار الهمداني» فلما رأى الأستاذ «أبا إسحاق» قال في الحال : سبحان من تنزه عن الفحشاء. فقال الأستاذ في الحال : سبحان من لا يجري في ملكه إلا ما يشاء.
قال الداعي إلى الله ، محمد الرازي ـ رحمة الله عليه ـ : من نظر في هاتين الكلمتين ، علم أن كل واحد من هذين جمع جميع كلماته (١) في هذا الحرف.
الحكاية العاشرة : قال أكثر الفقهاء : إذا قال المؤذن : حي على الصلاة ، حي على الفلاح. فالسنّة عند سماع هذه الكلمة : أن يقال : لا حول ولا قوة إلا بالله. كأنه يقول : لا حول ولا قوة على أداء الصلاة ، وعلى أداء سائر العبادات ، إلا بإعانة الله وبتوفيقه. وذلك صريح مذهبنا.
ولنكتف بهذه الحكايات في هذا الباب.
والله أعلم بالصواب
__________________
(١) أي آراءه في القضاء والقدر.