الله تعالى فيه كان واجب الحصول. فكان الأمر به جاريا مجرى ما إذا يقيد الإنسان يدي عبده ورجليه ، ويرميه من شاهق الجبل ، ثم يقول [له (١)] : انزل ، وإن [لم (٢)] تنزل عذبتك. والذي ما خلقه الله تعالى فيه [يكون (٣)] ممتنع الحصول ، فكان الأمر به جاريا مجرى ما إذا يقيد يديه ورجليه ويرميه من شاهق الجبل ، ثم يقول له : ارجع وإن لم ترجع (٤) عذبتك. ومعلوم : أن أمثال هذه التكاليف عبث فاسد. فثبت : أن القول بالجبر يفضي (٥) إلى أن تكون جميع تكاليف الله باطلة ضائعة. وأما المدح والذم والوعد والوعيد فكل ذلك إنما يحسن إذا كان المخاطب قادرا على الفعل والترك ، متمكنا منهما. حتى أنه إذا (٦) أطاع باختياره مدح وأثيب ، وإن (٧) عصى باختياره ذم وعوقب. فأما إذا خلق الكفر فيه ، شاء أم أبى ، ثم يعاقبه عليه أبد الآباد ، ويذمه عليه ، ويقول : لم فعلت؟ فهذا محض الكذب ، ومحض الظلم والسفه. وأما القصص المذكورة في كتب الله المنزلة. فالفائدة منها : أن يعتبر المكلف بها ، فيقدم على الطاعة ، وينزجر عن المعصية. كما قال تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) (٨).
وهذه الفائدة إنما تحصل إذا كان العبد قادرا على الاختيار أولا ، وقادرا على الطاعة والمعصية ثانيا. فأما إذا كان لا قدرة له على الطاعة ولا على المعصية الستة ، كان ذكر الاعتبار عبثا محضا. لأن الله تعالى إن خلق الطاعة فيه ، فهي حاصلة. سواء حصل ذلك الاعتبار أو لم يحصل ، وإن لم يخلقها امتنع حصولها. سواء حصل هناك اعتبار ، أو لم يحصل. فكان ذكر القصص لإرادة
__________________
(١) سقط (م).
(٢) سقط (م).
(٣) من (م ، ل).
(٤) ولم ترجع (م).
(٥) يقضي أن يكون (م).
(٦) إنما (م).
(٧) ولك (م).
(٨) اخر سورة يوسف.