لمرجح. فنقول : هذا الكلام في نفسه متناقض. لأن هذا القائل سلم أن ذلك القادر ما لم يرجح أحد ذينك المقدورين على الآخر ، لم يحصل الرجحان وسلم أن ذلك الترجيح أمر زائد على مجرد كونه قادرا. فإذا كان لا يحصل الرجحان إلا عند حصول ذلك الترجيح ، وثبت أن ذلك الترجيح أمر زائد على مجرد كونه قادر ، فهذا اعتراف (١) بأن الرجحان لا يحصل إلا عند المرجح. فقوله : «القادر يرجح» مشعر بحصول المرجح الزائد. وقوله بعد ذلك : «إنه لا لمرجح» مشعر بنفى المرجح الزائد ، فكان قوله : «القادر يرجح أحد مقدوريه على الآخر لا لمرجح» جمع بين النقيضين. وهو كلام باطل.
وأما السؤال الخامس : وهو بقوله : «لا يجوز أن يقال : الفعل عند الداعي يصير أولى بالوقوع ، مع (٢) أنه لا ينتهي إلى الوقوف» فنقول : هذا باطل ويدل عليه وجوه :
الحجة الأولى : ما ذكرنا : أنه حال الاستواء كان [ممنوع (٣)] الوقوع ، فحال المرجوحية أولى بالامتناع ، وإذا كان طرف المرجوح ممتنعا ، كان الراجح واجبا. لأنه لا خروج عن التقصير. قوله : «إن بقاءه على العدم ، لا يكون لأجل حصول الداعي إلى الترك ، بل لأجل أن الأصل في كل أمر بقاؤه على ما كان» قلنا : هذا محال. لأن الممكن هو الذي يكون [دائرا (٤)] بين الوجود وبين العدم. فكما أن وجوده يتعلل بوجود ما يقتضي الوجود ، فعدمه (٥) معلل بعدم ذلك المؤثر. فإما أن يقال إنه يستمر (٦) عدمه لنفسه. فذلك محال. لأنه يقتضي ، إما انقلاب الممكن واجبا ، وإما استغناء الممكن عن المؤثر. وكلاهما [محال (٧)].
الحجة الثانية في بطلان هذه الأولوية : أن نقول : لا شك أن عند حصول القدرة مع الداعية المرجحة ، قد حصل قدر من الرجحان. فنقول : عند
__________________
(١) الاعتراف (م)
(٥) بعدمه (ط)
(٢) من : (م)
(٦) استمر (ط ، ل)
(٣) ممتنع (ل)
(٧) من (ط ، ل)
(٤) من (ل)