واليوم الآخر ، وليؤت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه» ووجه الاستدلال : إنه لو كان الإيمان بخلق الله تعالى ، لكان هذا الترغيب عبثا. لأن العبد لا يقدر على أن يموت مؤمنا إذا خلق الله فيه الكفر ، ولا يقدر على أن يموت كافرا إذا خلق الله الإيمان فيه.
الحجة التاسعة عشر : عن أبي هريرة [رضي الله عنه (١)] قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «البيان من الله ، والغنى عن الشيطان. وليس البيان كثرة الكلام ، ولكن البيان: الفصل في الحق ، وليس الغنى قلة الكلام ، ولكن من سفه الحق» وهذا نص في موضع الخلاف.
الحجة العشرون : عن أبي هريرة [رضي الله عنه (٢)] قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يقولن أحدكم زرعت ولكن ليقل : حرثت يا أبا هريرة ألم تسمع إلى قول الله : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ؟ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (٣) وهذا من أوضح الدلائل على وجوب التفرقة بين فعل الله وبين فعل العبد.
فثبت : أن الفعل المضاف إلينا مغاير للفعل المضاف إلى الله.
ولنكتف بهذا القدر من الأخبار. فإن من وقف عليها يمكنه التمسك بأخبار كثيرة سوى ما ذكرناه. والمعتمد لنا في الجواب عن الكل : أن الأخبار التي تمسكنا بها على صحة قولنا [معارضة لهذه الأخبار (٤)] ولما تعارضت الأخبار وجب الرجوع إلى دلائل العقل (٥). وقد بينا ؛ أن دلائلنا العقلية أقوى وأكمل وأوضح.
وبالله التوفيق
__________________
(١) من (ل).
(٢) من (ل).
(٣) سورة الواقعة ، آية : ٦٣ ـ ٦٤.
(٤) من (م ، ل).
(٥) هذا اعتراف من المؤلف بأن دلائل المعتزلة من القرآن الكريم والأخبار في إثبات الحرية للإنسان ، لا يمكن ردها. وإلا ما أحال على العقل. وكيف يمكن ردها ، وهي المحكمة ، وما تمسك به المؤلف هو المتشابه؟