اعلم : أن مذهبنا ذلك. وأما المعتزلة فإنهم ينكرون أشد الإنكار.
ويدل على صحة قولنا : المعقول والمنقول.
أما المعقول فوجوه :
البرهان الأول : وهو أن الكافر المقدم على الكفر إن لم يكن متمكنا من الإيمان فقد حصل المطلوب ، وإن كان متمكنا منه كانت قدرته بالنسبة إلى الضدين على السوية. فإقدامه على الكفر دون الإيمان ـ مع أن ضده كان ممكنا ـ إما أن يستغني عن المرجح أو يفتقر إليه. فإن كان الأول لزم استغناء الممكن عن المرجح. وهو محال. وإن كان الثاني فذلك المرجح ، إن كان من العبد عاد التقسيم فيه ، وإن كان من الله تعالى ، فهو المطلوب. لأنه ظهر أن الكافر ما أقدم على الكفر إلا لأجل أن الله تعالى قوى تلك الداعية في قلبه ، وقد دللنا على أنه متى حصلت الداعية المرجحة ، فإنه لا بد من [الوجوب (١)] وهذا برهان قاطع لا محيص عنه (٢).
__________________
(١) من (ط ، ل).
(٢) برهان ليس قاطعا. لأنه افترض المرجح بين الله والإنسان. ومن الممكن افتراض المرجح من الإنسان نفسه. أي أن الإنسان إذا ظهر له خير وظهر له شر. فإن الإنسان يمكنه بنفسه ترجيح جانب الخير ، أو ترجيح جانب الشر ، ومن الممكن افتراض المرجح في ذات الشيء نفسه. على ـ