والجواب :
أما قوله : «الدلائل العقلية دلت على أنه لا يجوز أن يخلق الله الكفر في العبد» قلنا : الدلائل العقلية التي يذكرونها لا تزيد على فعل المدح والذّم. وذلك مبني على الحسن والقبح العقليين. وسنبين أن هذه القاعدة في غاية الضعف. أما دليلنا (١) العقلي : فإن ميل القلب إلى جانب الضلال ، بدلا عن جانب الهدى ، لا يمكن إلا لمرجح. وذلك المرجح ليس إلا الله. فوجب أن يكون ترجيح جانب الضلال. وهذا برهان قاطع لا يحتمل التأويل. فثبت : أن البرهان ليس إلا من جانبنا.
قوله : «تفسير الإضلال لا يرى في اللغة» قلنا : الإضلال عبارة عن أن يعمل به عملا ، فلا يدعوه ذلك العمل إلى فعل الضلال. وإذا زين الله في قلبه ذلك الفعل ، وقبح عنده ضده ، دعاه ذلك التزيين إلى فعل ذلك الشيء. فكان ذلك التزيين إضلالا. ولا شك ان هذا المعنى يسمى بالإضلال ، بحسب اللغة.
قوله : «إنه تعالى حكم على فرعون وإبليس والسامري بكون كل واحد منهم مضلا ، مع أن أحدا منهم لا يقدر على خلق الضلال» قلنا : إن الإضلال هو فعل ما يدعو إلى الضلال. سواء كان ذلك [بسبب (٢)] الأمر به ، والترغيب فيه. كإضلال فرعون وإبليس ، أو بسبب خلق الداعية الموجبة لذلك. كما في حق الله تعالى.
قوله : «إنه تعالى أضله فما أضل» قلنا : المفهوم من الإضلال فعل ما يقتضي ترجيح جانب الضلال. ثم إن المقتضى قد يصير معارضا بشيء آخر ، فيخرج عن كونه مقتضيا. وقد لا يصير كذلك.
قوله : «حمل لفظ الضلال في هذه الآيات على خلق الكفر والضلال يوجب الركاكة» قلنا : لا نسلم.
قوله : «كيف يليق أن يقول : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ
__________________
(١) دليل فالعقلي (م).
(٢) من (ط).