الإيمان منه يستلزم انقلاب علم الله جهلا. وهذا محال. ومستلزم المحال محال. فيلزم : أن يكون صدور الإيمان عنه محالا.
الثاني : إن وجود الإيمان ، يستحيل أن يحصل مع العلم بعدم الإيمان. لأنه إنما يكون علما ، لو كان مطابقا للمعلوم. والعلم بعدم الإيمان ، إنما يكون مطابقا لو حصل عدم الإيمان. فلو وجد الإيمان مع العلم بعدم الإيمان ، يلزم أن يجتمع في الإيمان كونه موجودا ومعدوما معا. وهو محال. أنه تعالى لما علم منه عدم الإيمان [كان وجود الإيمان (١)] منه محالا. ولو علم منه وجود الإيمان ، كان عدم الإيمان منه محالا.
والثالث : إنه تعالى أخبر عن أقوام معينين : أنهم لا يؤمنون كقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا. سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ ، أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ. لا يُؤْمِنُونَ) (٢) وقوله : (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ. فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣) فهؤلاء الذين أخبر الله عنهم ، أنهم لا يؤمنون. لو آمنوا ، لانقلب خبر الله ، الصدق : كذبا ، وهذا محال [والمؤدي الى المحال محال. فوجب أن يكون صدور الإيمان منهم محالا (٤)].
__________________
(١) من (م ، ل).
(٢) سورة البقرة ، آية : ٦. وفي مجمع البيان في تفسير القرآن : «إن قال قائل : إذا علم الله تعالى بأنهم لا يؤمنون ، وكانوا قادرين على الايمان ـ عندكم ـ فلم أنكرتم أن يكونوا قادرين على إبطال علم الله بأنهم لا يؤمنون؟ فالجواب : إنه لا يجب ذلك. كما أنه لا يجب إذا كانوا مأمورين بالإيمان ، أن يكونوا مأمورين بإبطال علم الله. كما لا يجب إذا كان الله تعالى قادرا على أن يقيم القيامة الساعة ، أن يكون قادرا على إبطال علمه بأنه لا يقيمها الساعة. والصحيح : أن نقول : إن العلم يتناول الشيء على ما هو به ، ولا يجعله على ما هو به ، فلا يمتنع أن يعلم حصول شيء بعينه ، وإن كان غيره مقدورا» أه.
(٣) سورة يس ، آية : ٧ وفي مجمع البيان : «لقد حق القول» أن وجب الوعيد واستحقاق العقاب عليهم (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ويموتون على كفرهم ، وقد سبق ذلك في علم الله تعالى. وقيل : تقديره لقد سبق القول على أكثرهم أنهم لا يؤمنون. ذلك أنه ـ سبحانه ـ أخبر ملائكته أنهم لا يؤمنون ، فحق قوله عليهم».
(٤) من (ط).