الحجة السابعة : قادرية [الله (١)] تعالى ، أكمل من قادرية العبد ، فإذا لم يمتنع [تعلق قادرية العبد بذلك المقدور ، مع كون تلك القادرية ناقصة ، فبأن لا يمتنع (٢)] ذلك في قادرية الله تعالى ، مع كونها كاملة ، كان أولى.
الحجة الثامنة : لو لم يكن مقدور العبد ، مقدورا لله تعالى. لزم تناهي مقدورات الله تعالى. لأن جملة مقدورات الله تعالى ، بدون مقدورات العباد : أقل من مجموع مقدورات الله تعالى مع مقدورات العباد. وكل ما كان أقل من غيره كان متناهيا. فلو لم تكن مقدورات العباد ، مقدورة لله تعالى. لزم أن يقال : مقدورات الله تعالى متناهية. ولما كان اللازم باطلا ، كان الملزوم أيضا باطلا.
وهذه الوجوه الثلاثة الأخيرة فيها إيجاب.
وأما المقدمة الثانية : فهي في بيان أن كل ما كان مقدورا لله تعالى ، فعند وقوعه يجب أن يكون وقوعه بقدرة الله تعالى.
وتقريره من وجهين :
الأول : إن العبد إذا قصد إلى إيجاد مقدوره ، والله تعالى أيضا قصد إلى إيجاده في ذلك الوقت. فإما أن يقع ذلك الفعل أو لا يقع. والقسمان باطلان ، فما أدى إليه يكون باطلا. إنما قلنا : إنه يمتنع وقوعه. لأنه لو وقع. لوقع إما بإحدى القدرتين ، وإما بكل واحدة منهما. لا يجوز أن يقع بإحدى القدرتين ، لأن كل واحدة من هاتين القدرتين ، لما فرضنا كونها مستقلة بالإيجاد ، لم يكن وقوع هذا الفعل بإحدى هاتين القدرتين أولى من وقوعه بالثانية. لا يقال : لم لا يجوز أن يقال : إن قدرة الله تعالى ، أقوى من قدرة العبد. فكان وقوع ذلك المقدور بقدرة الله تعالى أولى؟ لأنا نقول : حصول الجوهر الواحد ، في الحيز الواحد ، في الزمان الواحد ، لا يقبل الأشد
__________________
(١) من (ط ، ل).
(٢) من (ط ، ل).