أحدهما : أصل الحركة. والثاني : البطء الذي [هو (١)] يوجده في تلك الحركة. ومعلوم : أن هذا المعنى لا يخطر ببال أكثر العلماء ، فضلا عن العوام ، والصبيان ، والمجانين. فضلا عن البهائم والحشرات.
الرابع : إن مذهب مشايخ المعتزلة : أن قدرة العبد لا يكون لها تأثير في حصول الجسم في الحيز. وإنما تأثيرها في المعنى الذي يقتضي حصول الجسم في الحيز.
إذا ثبت هذا فنقول : إن البهائم والنائمين والغافلين حين ما يتحركون ويسكنون ، لا يخطر ببالهم إلا نفس حصول الجسم في الحيز. فأما إثبات معنى يقتضي حصول الجسم (٢) في الحيز. فذلك [مما (٣)] لا يخطر ببال أفضل الفقهاء والنحاة ، فضلا عن العوام ، فضلا عن الصبيان والمجانين ، فضلا عن البهائم والحشرات. وعلى هذا فنقول : الذي تصوره العقلاء وعرفوه ـ وهو حصول الجسم في الحيز ـ قد أخرجوه عن كونه مقدورا للعبد. والذي جعلوه مقدورا للعبد ، فهو شيء لا يتصوره أحد ، ولا يدركه البتة ، لا بالقليل ولا بالكثير. ومتى كان الأمر كذلك ، فكيف يعقل أن يقال : إن الفاعل المختار أبدا ، يقصد إيجاده وتكوينه.
واعلم : أن هذا الإلزام إنما يتوجه على المشايخ. أما على «أبي الحسين» فلا. لأنه لا يثبت هذا المعنى.
الخامس : إن الصبي إذا تكلم. فلا شك أنه يعقل هذه الحروف المخصوصة. وذلك لأن الكلام عبارة عن الحروف المتوالية المتعاقبة. فلو لم يكن قادرا على الإتيان بالحروف ، لم يكن قادرا على الإتيان بالكلام. لكن الإتيان بكل واحد من هذه الحروف المخصوصة ، إنما يكون بآلة مخصوصة ، على كيفية مخصوصة ، ووضع تلك الآلات على وجه مخصوص ، وهي : الحلق
__________________
(١) من (ط ، ل).
(٢) معنى (م ، ل).
(٣) من (م ، ل).