لما عرفت منا سابقا من وجود أصل مقرر عند العقلاء يحرز ان المولى في مقام البيان فيعمل على طبقه في مقام الشك ، كما لا يخفى.
المبحث الثالث في ان الجملة الخبرية المستعملة في مقام الطلب كمثل يغتسل ويتوضأ ، هل هي منسلخة عن معنى الاخبار أو انها تدل على وقوع المخبر به في في المستقبل ، أما لغفلة عن موانعه أو لعدم الاعتناء بها أو انها تدل على ايقاع النسبة بداعي البعث والطلب : احتمالات ، قيل بالأول كما يظهر من بعض كلمات القدماء ، بان استعمال الجملة الخبرية في الطلب مجاز ، ولكن لا يخفى انه لا نجد تجوزا فى ذلك بل استعمالها فى المقامين على نحو واحد من غير فرق بين استعمالها فى مقام الاخبار وبين مقام الطلب ، كما قيل بالثاني بتقريب ان المقام من قبيل اخبار بعض الاطباء بوقوع بعض العوارض لاطلاعهم على تحقق بعض اسباب الوقوع. بيان ذلك : ان المولى اذا اخبر بوقوع الفعل من العبد بقوله : يغتسل ، أو يتوضأ أو يعيد ، تعويلا على تحقق مقتضيه لعلمه ان من مقتضيات فعل العبد هو طلب المولى وارادته ، ولكن لا يخفى ان وجود الارادة واقعا لا تكون مقتضية للفعل ، وانما المقتضى له هو وجودها العلمي ، فلو توقف العلم بها على الاخبار بوقوع الفعل لزم الدور الباطل ، وحاصله ان الاخبار بوقوع الفعل يتوقف على تحقق مقتضيه فى الخارج ، وتحقق مقتضيه يتوقف على الاخبار بوقوعه فلذا قوّينا الوجه الاخير لأن استعمال الجملة الخبرية في مقام الطلب على هذا الوجه لم تكن أخبارا عن الوقوع وانما استعملت في ايقاع النسبة بداعي التوسل والتسبب لوقوعها في الخارج ويكشف ذلك عن طلبه وارادته على ايجاد الفعل من العبد وهذا هو السبب في ايجاد الجملة الخبرية ، وليس الغرض منها علمه بتحقق مقتضيه لكي