والقاعدة تقتضي الاشتغال باتيان ما احتمل تعينه فيما علم بطرو الاختيار او يشك فى ذلك للعلم الاجمالي بالتكليف والشك فى دورانه بين التعيين والتخيير. واما لو علم باستمرار العذر ثم تبين الخلاف فلا يكون من ذاك القبيل بل يكون من الشك في التكليف فتجرى اصالة البراءة فى نفي الاعادة ولا اثر للعلم الاجمالي بالتكليف لان من شرط تأثيره ان لا يكون احد الاطراف خارجا عن محل الابتلاء.
بيان ذلك انه مع علمه بالاستمرار وقد أتى بالفعل الاضطراري ثم تبين الخلاف يحصل عند المكلف علم اجمالي بانه اما مكلف بالقدر الجامع او بخصوص الفعل الاختيارى وهذا العلم الاجمالي لا اثر له إذ بعد الاتيان بالفعل الاضطراري يلغي احتمال تعلقه بالجامع فبقى احتمال تعلقه بالمعين فيكون من الشك فى التكليف فينفى بالبراءة. وعليه تحمل عبارة الاستاذ قدسسره في الكفاية ما لفظه (وهو
__________________
من الفرق غير فارق بعد اشتراكهما في ملاك جريان قاعدة الاشتغال الذى هو الشك فى الفراغ فان الآتي بالبدل يشك فى فراغ ذمته عن التكليف بخلاف الآتي بالمبدل فانه يقطع بفراغ الذمة من التكليف على ان ترخيص الشارع بالمبادرة لا يدل على ان المطلوب هو الجامع إذ يمكن ان يكون تداركا لمصلحة الوقت او فضيلته مضافا الى استصحاب الاشتغال ويقدم على اصالة البراءة في مقام التعارض.
ودعوى ان الشك في الفراغ مسبب عن الشك في وجوب تحصيل تلك المزية والبراءة تجري فى السبب والاصل الجاري فى السبب حاكم على الاصل الجارى في المسبب ممنوعة لان اصل البراءة العقلية والنقلية ليست كسائر الاصول وانما هي من الاعذار الشرعية او العقلية مضافا الى ان الاصل الجاري فى السبب يكون حاكما على الاصل الجاري فى المسبب اذا كان مزيلا للشك في المسبب وفي المقام ليس كذلك اذا لشك في السقوط باق وسيأتى له مزيد بيان في الاستصحاب ان شاء الله تعالى.