البلدان النائية بالنسبة إلى الحجّ ـ وما لا يكون كذلك واستحقاق الذمّ في الأوّل إنّما يحصل قبل مجيء زمان الفعل وترك الواجب فيه ، إذ بترك المقدّمة حينئذ يحصل الإدّاء إلى ترك الواجب في وقته ، فيستحقّ به الذمّ على الوجه المذكور من غير أن يجيء هناك استحقاق آخر على ترك نفس الواجب في وقته ، واستحقاق الذمّ لترك المقدّمة من جهة الإدّاء إلى ترك الواجب هو بعينه استحقاق الذمّ على ترك ذلك الواجب ، فينسب إلى ترك المقدّمة من جهة الإدّاء إلى ترك الواجب وإلى ترك نفس الواجب أصالة.
فظهر بما ذكرنا أنّ يتوهّم في المقام من أنّ الدليل المذكور على فرض صحّته إنّما يفيد الوجوب النفسي دون الغيري ليس على ما ينبغي ، وإنّما يتمّ ذلك لو ادّعى استحقاق الذمّ على تركها مع قطع النظر عن إدّائها إلى ترك غيرها.
وهو مع وضوح فساده لا يدّعيه المستدلّ في المقام وإن كان إطلاق كلامه قد يوهم ذلك.
وكذا ما يقال في المقام من أنّ الذمّ هنا إنّما هو على ترك نفس الواجب مع القدرة عليه لا على مجرّد ترك المقدّمة وإنّما توهّم المستدلّ ذلك من جهة تقارنهما في الخارج ، فإنّه كثيرا ما يقع الاشتباه في أحوال المتقارنين في الوجود ، فيثبت حال أحدهما للآخر ، ولذا يتخيّل كون الذمّ الوارد على ترك ذي المقدّمة واردا على ترك مقدّمته. وذلك للقطع بصحّة ورود الذمّ على ترك المقدّمة من حيث إدّائه إلى ترك الواجب وهو كاف فيما هو المقصود.
كيف ولو كان الاشتباه من جهة المقارنة بينهما في الوجود لزم الحكم بورود الذمّ على ترك المقدّمة بملاحظة ذاتها؟ مع أنّه لا يحكم العقل به أصلا بل كثيرا ما لا تقارن بينهما في الخارج ألا ترى أنّ من ترك المسير إلى الحجّ مع الرفقة الأخيرة يذمّ على ذلك عند العقلاء بل يحكم حينئذ بفسقه مع أنّه لم يتحقّق منه حينئذ إلّا ترك المقدّمة.
وقد يقال : إنّه إن تمّ الوجه المذكور في الجملة فلا يجري في جميع الموارد ،