أو مضيقيّن أو المأمور به مضيّقا والضدّ موسّعا أو بالعكس ، وذكروا أنّه لا خلاف في شيء من الأقسام إلّا الثالث ، أمّا الحال في الموسّعين فظاهر ، وأمّا المضيّقان فإن كان اهتمام الشارع بهما على نحو واحد تخيّر المكلّف بينهما ، وإن كان أحدهما أهمّ من الآخر اختصّ الأهمّ بالوجوب دون الآخر.
وبعضهم قسّم الواجب حينئذ إلى ما يكون من حقّ الله أو من حقّ الناس أو أحدهما من حقّ الله والآخر من حقّ الناس ، ففي الأوّل والثاني يتخيّر المكلّف بينهما إلّا أن يثبت أهميّة أحدهما ، وفي الثالث يقدّم الثاني إلّا أن يعلم كون الأوّل أهمّ منه ومرجع ذلك إلى الوجه المتقدّم ، إذ ليس تقديم حقّ الناس على حقّه تعالى إلّا من جهة الأهميّة في الجملة ، ففيه بيان لما هو الأهمّ على وجه كلّي ، أمّا الوجه الرابع فالحال فيه ظاهر لوضوح عدم قضاء الأمر بالموسّع بالنهي عن المضيّق ، لعدم مزاحمته له.
وقد ناقشهم بعض الأفاضل في أمرين :
أحدهما : في عدّ الموسّع مأمورا به والمضيّق ضدّا مع أنّه ينبغي أن يكون الأمر بالعكس لكون المضيّق مطلوبا للشارع في ذلك الزمان البتة فيكون الموسّع ضدّا له ، ولذا بنى الفاضل المذكور على إسقاط القسم الرابع وجعل الوجوه ثلاثة.
ويدفعه : أنّ صحّة إطلاق كلّ من اللفظين مبنيّ على حصول مدلوله في المقام والمفروض حصوله فأيّ مناقشة في إطلاق لفظه عليه وتضيّق الطلب في جانب الضدّ ، وتوسعته (١) في جانب المأمور به لا يمنع من إطلاق المأمور به على الموسّع والضدّ على الآخر، لوضوح تعلّق الأمر بالموسّع وكون الآخر ضدّا له ، وإنّما يطلق
__________________
(١) المراد بالتوسعة في المقام ما يعم المؤقّت وغيره وكذا المراد بالمضيّق ، وتفصيل الأقسام أن يقال : إنّ الواجبين إمّا أن يكون مؤقّتين أو غير مؤقّتين أو المأمور به مؤقّتا والضدّ غير مؤقّت أو بالعكس وعلى كلّ حال فإمّا أن يكونا من حقّ الله تعالى أو من حقوق الناس أو المأمور به من حقّه تعالى والضدّ من حقوق الناس أو بالعكس ، فيكون الأقسام أربعة ، وسيبيّن ما يظهر الحال في الجميع ممّا قرّرناه منه رحمهالله.