وإنّما وقع الشبهة في المقام من جهة ملاحظة مفهوم المنع من الترك ، حيث يرى أنّ مفاده طلب ترك الترك على سبيل الجزم الّذي هو عين مدلول النهي ، وقد عرفت أنّ أخذ الطلب فيه ثانيا إنّما هو من جهة تصوّر الخصوصيّة المفروضة وليس هناك طلب آخر ملحوظ في جانب الترك أصلا ، فليس هناك إلّا طلب واحد يتعلّق بالفعل وإن انحلّ ذلك إلى مفهومين ، إذ لا يجعله ذلك تكليفين وطلبين ، وليس ترك الفعل المفروض إلّا حراما أصليّا نفسيّا باعثا على استحقاق العقوبة لكونه عصيانا ومخالفة للأمر المتعلّق بالفعل ، فحرمة الترك مفاد وجوب الفعل ، كما أنّ وجوب الفعل مفاد حرمة الترك ، وكذا الحال بالنسبة إلى حرمة الفعل ووجوب الترك ولذا كان ترك كلّ حرام واجبا وترك كلّ واجب حراما من غير أن يكون هناك تكليفان ، فحيثيّة الأمر بالفعل هي حيثيّة النهي عن الترك ، إذ ترك الترك هو عين الفعل بحسب الخارج لكون الفعل والترك نقيضين وكلّ منهما رفع للآخر فيكون طلب كلّ منهما لترك الآخر ، وخصوصيّة ذلك الطلب الحاصل في الأمر بأحدهما حاصل في النهي عن الآخر ، فإذا كان الأمر بالفعل على وجه الإلزام كان النهي عن تركه كذلك أيضا.
قوله : (إنّ كلّ متغايرين).
يعني بحسب الوجود لا بمجرّد المفهوم فلا يرد عليه أنّ مفهومي الجنس والفصل لا يندرجان في شيء من الأقسام المذكورة.
قوله : (ما لا يفتقر اتّصاف الذات بها).
يعني به الصفات المنتزعة عن نفس الذات مع قطع النظر عن الامور الخارجة عنها المنضمّة إليها ومحصّله التساوي في الذاتيّات.
قوله : (ضرورة أنّه يتحقّق في الحركة ... الخ).
قد يورد عليه : تارة : بأنّ الأمر من حيث الصدور يعني : إذا اعتبر مصدرا بمعنى الفاعل قائم بالأمر ومن حيث الوقوع يعني : إذا اعتبر مصدرا بمعنى المفعول قائم بالمأمور به وكذا الحال في النهي ، فلا قيام لهما بالفعل المأمور به ليلحظ