يضادّ ذلك الشيء ، فاتّحاد المتعلّق على الوجه المذكور مأخوذ في أصل المسألة لا حاجة إلى بيانه وإنّما المقصود بيان اجتماع الأمرين في محلّ واحد ليدلّ على انتفاء التضادّ بينهما ، كما هو قضيّة المقام وصريح الكلام ؛ وقد ظهر بذلك ضعف الجواب الثاني أيضا.
فالصواب في الجواب أن يقال : إنّه لمّا كان مرجع الخلاف في كون الأمر بالشيء نهيا عن ضدّه إلى أنّ وجوب الشيء هل يفيد تحريم ضدّه؟ فيكون المفيد لوجوب الشيء هو المفيد لتحريم ضدّه وكان مقصود القائل بكون الأمر بالشيء عين النهي عن ضدّه أنّ الأمر الحاصل من أحدهما عين الحاصل من الآخر ، وإلّا فتغاير المفهومين والصيغتين والمفهوم من الصيغتين أمر واضح لا مجال لإنكاره كما مرّ كان مقصوده أنّ وجوب الفعل المأمور به عين حرمة ضدّه ، والحاصل من كلّ من الأمر والنهي المفروضين عين الحاصل من الآخر في الخارج ، فمقصوده من هذه الفقرة من الحجّة إبطال المضادّة على تقدير عدم العينيّة ، نظرا إلى وضوح اجتماع الأمرين في الحركة حسب ما ذكره.
ومن البيّن أنّ الوجوب والتحريم وإن كانا صادرين عن الآمر إلّا أنّهما قائمان بالفعل المأمور به والمنهيّ عنه ، ولذا يتّصف الفعل بالوجوب والتحريم من غير إشكال.
والجواب عن الثاني واضح ، إذ ليس المقصود في المقام دفع المضادّة بين الأمر بالشيء والنهي عنه ببيان اجتماعهما في محلّ واحد ليكون ذلك دليلا على انتفاء المضادّة بينهما ، بل المدّعى عدم المضادّة بين الأمر بالشيء والنهي عن ضدّه ومجرّد كون أحدهما وصفا للشيء والآخر وصفا له بحال متعلّقه لا يمنع من حصول التضادّ ، لوضوح المضادّة بين قولك «زيد شابّ شائب الابن» كيف ولو كان مجرّد ذلك رافعا للتضادّ لكان مؤيّدا لكلام المستدلّ لا إيرادا عليه ، إذ هو بصدد إبطال التضادّ لا تصويره وبيانه.
قوله : (كاجتماع السواد مع الحلاوة ... الخ).