المعلول الواحد ، ولا الثالث لعدم جواز استناد الأمر المعيّن إلى المؤثّر المبهم ، فتعيّن الرابع. وأما سقوط الواجب بالإتيان به وبالآخر فبقيام الإجماع إذن على السقوط.
ويمكن تقرير مثل ذلك بالنسبة إلى قيام الوجوب حينئذ ، فيقال : لو فعل الجميع فالوجوب حينئذ : إمّا قائم بالمجموع ، أو بكلّ منها ... إلى آخره. وكذا بالنسبة إلى استحقاق الثواب بأن يقال : إنّ استحقاق ثواب الواجب إمّا بفعل الجميع أو بكلّ منها ... إلى آخره. وبالنسبة إلى استحقاق العقاب لو أخلّ بها أجمع فيقال : إنّ استحقاق العقاب حينئذ : إمّا لترك الجميع ، أو لترك كلّ منها ... إلى آخره فهذه وجوه عديدة قد ذكر الاحتجاج بها لذلك.
إذا تقرّر ذلك فيمكن أن يحتجّ لأوّل القولين المذكورين بحصول ذمّة (١) المكلّف إجماعا بكلّ من الفعلين أو الأفعال ، فله اختيار أيّ منهما شاء ، فيتعيّن القول بسقوط الواجب بذلك المعيّن وببدله ، كما هو المدّعى.
ولثانيهما بأنّه لا وجه لأداء الواجب بفعل غيره ، ومن المعلوم أداء الواجب في المقام بكلّ من الفعلين ، فلا بدّ من التزام اختلاف المكلّف به بحسب اختلاف المكلّفين.
وأنت خبير بوهن جميع الوجوه المذكورة ، إذ لا مانع من كون أحد تلك الأفعال قاضيا بسقوط الواجب ، إذ هو معنى معيّن بحسب الواقع يصدق على كلّ منها على سبيل البدليّة، ويصحّ تفرّع الأحكام عليه ، ألا ترى أنّه لو كان له في ذمّة غيره دينار فدفع إليه دينارين على أن يكون أحدهما وفاء لدينه مسقطا لما في ذمّته ، والآخر قرضا عليه مشتغلا لذمّته صحّ ذلك قطعا مع عدم تعيين الخصوصيّة ، ومع الغضّ عنه نقول : إنّه إمّا أن يأتي بالجميع تدريجا ، أو دفعة.
فعلى الأوّل إنّما يقضي الأوّل بالبراءة دون غيره مما يأتي به بعده. وعلى الثاني فالبراءة حاصلة بكلّ منهما ، نظرا إلى تقارنهما ، ولا مانع من توارد العلل
__________________
(١) في (ف) : اشتغال ذمّة.