بالوجوب بالمعنى المذكور ، فيكون كلّ واحد ممّا أتى به مطلوبا صحيحا واجبا بالوجوب التخييري.
ويحتمل أيضا أن يقال بوجوب الجميع من حيث أداء الواجب به بناء على أنّ الواجب هو القدر الجامع من تلك الأفعال ، وهو كما يحصل بالإتيان بكلّ واحد منها كذا يحصل بالإتيان بالمجموع على نحو سائر الطبائع الحاصلة في ضمن الواحد والمتعدّد.
ويستفاد من العلّامة رحمهالله اختيار الاحتمال الأوّل ، حيث ذكر في النهاية في جواب ما قرّره الخصم فيما إذا أتى بالجميع دفعة : أنّه هل يستحقّ الثواب على الجميع؟ وأنّه هل ينوي الوجوب بفعل الجميع؟ وأنّه لو أخلّ بها أجمع هل يستحقّ العقاب على ترك كلّ واحد منها؟
فقال : إنّه يستحقّ على فعل كلّ منها ثواب المخيّر لا المضيّق ، بمعنى أنّه يستحقّ على فعل امور كان يجوز له ترك كلّ واحد بشرط الإتيان بصاحبه ، لا ثواب فعل امور كان يجب عليه إتيان كلّ واحد منها بعينه.
ثمّ ذكر : أنّ الحال كذلك في الثاني. وقال في الثالث : إنّه يستحقّ العقاب على ترك امور كان مخيّرا في الإتيان بأيّها كان وترك أيّها كان بشرط إتيان صاحبه.
فإنّ الظاهر ممّا ذكره صحّة الإتيان بالجميع ، ووقوع تلك الأفعال واجبا ، لكن بالوجوب التخييري مستحقّا عليها أجر الواجب المخيّر ، أعني المشتمل على جواز الترك إلى بدل.
وقال في التهذيب في جواب احتجاج من زعم أنّ الواجب واحد معيّن : بأنّه إذا فعل الجميع فإمّا أن يسقط الفرض بالجميع فيلزم القول بوجوب الجميع ، وهو خلف ، أو يسقط بكلّ واحد منها فيلزم اجتماع العلل على المعلول الواحد ، إلى آخر ما ذكر.
والجواب : أنّ هذه معرّفات ، فظاهرها اختيار اتّصاف الجميع بالوجوب التخييري وسقوط الواجب بكلّ منها على نحو ما يستفاد من النهاية.