ويحتمل في المقام وجه رابع ، وهو التفصيل بين ما إذا نوى الامتثال بالأقلّ أو الاكثر. فعلى الأوّل يسقط التكليف بأداء الأقلّ ، فلا وجه للإتيان بالزيادة ، بخلاف الثاني ، لتوقّف الامتثال حينئذ على الإتيان بالزيادة.
وفيه : أنّ قصد الامتثال ممّا لا يتوقّف عليه أداء الواجب ، بل كون المأتيّ به من أفراد الواجب كاف في أدائه وتحقّقه في الخارج. نعم ، لو كان المأمور به من العبادات تعيّن اعتبار القربة في النيّة.
فقد يتوهّم : حينئذ اعتبار قصد امتثال الأمر المفروض ليتحقّق به الطاعة الملحوظة في العبادات.
ويدفعه : أنّ الملحوظ في العبادة مطلق قصد الطاعة ، لا خصوص امتثال الأمر الخاصّ المتعلّق به بحسب الواقع ، فلا يعتبر فيه ملاحظة كون المأتيّ به تمام المأمور به أو بعضه، إذ لا دليل عليه أصلا حسب ما مرّ القول فيه في محلّه ، فلا فرق حينئذ بين ما إذا نوى الامتثال بالأقلّ أو نواه بالأكثر ، فإنّه إذا كان مجرّد حصول الطبيعة المأمور بها كافيا في سقوط الواجب جرى ذلك في الصورة الثانية ، وإن كان حصول الطبيعة بأداء الأقلّ مراعى بعدم التحاق الزائد جرى ذلك في الصورة الاولى أيضا ، ومجرّد قصده الامتثال بالأقلّ لا ينافيه.
سادسها : أنّ التخيير بين الشيئين قد يكون على وجه الترتيب ، وقد يكون على وجه البدليّة ، والإشكال المتقدّم والأقوال المذكورة إنّما هو في الصورة الثانية ، وأمّا الاولى فلا مجال فيها للإشكال ، بل ليس ذلك من حقيقة التخيير في شيء وإن عدّ من التخيير. وعلى كلّ حال : فإمّا أن يمكن الجمع بينهما ، أو لا ، وعلى الأوّل : فإمّا أن يحرم الجمع بينهما ، أو يجوز مع إباحته أو استحبابه.
سابعها : أنّه هل يصحّ اتّصاف أحد الواجبين المخيّرين بالاستحباب بأن يكون واجبا تخييريّا مندوبا عينيّا ، أو لا؟ قولان. والمحكيّ عن جماعة القول بجواز الاجتماع ، والأظهر المنع ، لما تقرّر من تضادّ الأحكام ، واستحالة اجتماع المتضادّين في محلّ واحد.